تداعت عليكم الأمم

المسلمون في بورما.. أراكان

  • طباعة
.
نشر بتاريخ الأحد, 24 شباط/فبراير 2013 01:10

برمانيا (بورما): فهي البلاد المجاورة للبنغال، فبعد أن انتشر الإسلام في البنغال، إنتقل بالتجارة والدعاة إلى ما يليها شرقا وخاصة زمن الدولة الخلجية، وأصبح إقليم أراكان إسلاميا، ومن أرض الإسلام، ومنه امتد الإسلام إلى برمانيا وكان مملكة قائمة بذاتها.

 

وبرمانيا هذه بلاد أنهار كبيرة أهمها الإيراوادي والميكونج، وهي بلاد أحراش وغابات كثيفة، أنشأ فيها التجار ومعهم الدعاة مراكز العمران والمساجد وسط الأحراش على ضفاف النهرين. وقد كسب الإسلام كثيرا من السكان رغم التحدي البوذي العنيف، ونشأت جماعات قوية من المسلمين في المدن والقرى ولكنها لم تصل درجة ملقا، ومن أشهر الدعاة في برمانيا الداعية المشهور (سيد يوسف الدين) الذي غادر وطنه بغداد إلى بلاد السند لنشر الإسلام، ثم انتقل إلى البنغال، وواصل الدعوة والنجاح، ثم دخل مع قوافل التجار إلى برمانيا وسيام، وأنشأ عددا من المساجد، ويعتبر إلى هذا اليوم أشهر شخصية إسلامية في الهند الصينية.

ويقع إقليم أراكان الإسلامي جنوب غرب بورما، ويطل من الجنوب على خليج البنغال، ويحده من الشمال بورما والهند، ومن الغرب بنغلاديش، ومن الشرق بورما. تكثر فيه الغابات التي تغطي مساحات شاسعة بأشجار التاك، حيث تنتج أراكان ثلاثة أرباع العالم من هذا الخشب الهام.

وكان القرن التاسع الهجري أزهى عصور المسلمين في أراكان ففي عام 835 هـ، إعتلى العرش (زايواك شاه)، واهتم بالإسلام فازدهرت الدعوة الإسلامية في بورما، وتعاقب على عرش أراكان العديد من الملوك المسلمين وتأسست مدينة استانا بدر الدين، وتسمى بدار بدر على ساحل خليج البنغال، واستمر ازدهار الإسلام إلى أن جاء الغزو البريطاني لبورما سة 1303 هـ، وضمها للهند ثم فصلها سنة 1306 هـ. ثم استقلت بعد الحرب العالمية الثانية وأصبحت منطقة أراكان بأغلبيتها المسلمة ضمن بورما، يخضع المسلمون فيها للسلطة الوثنية التي تحكم البلاد، وهنا بدأت مرحلة شاقة من اضطهاد المسلمين ببورما وخاصة بعد قيام الحكم الشيوعي عام 1382 هـ / 1962 م.

فقد عمد الشيوعيون إلى إحراق المساجد ومنع الآذان للصلاة، وبطشوا بالمسلمين وعذبوهم أينما وجدوا، وادعوا أن المسلمين الذين يبلغون حوالي (5) ملايين نسمة من جماعات الرهنجين أنهم ليسوا من مواطني بورما، للتخلص منهم، فطبقت بورما عليهم قوانين الهجرة وتم تسجيلهم كأجانب حتى تضفي السلطات على إبادتهم صفة قانونية، فكثرت حوادث الطرد والقتل الجماعي، في عملية أسمتها السلطات البورمية - عملية التنين -، فزاد عدد المهاجرين إلى بنجلاديش على نصف مليون لاجيء. وقد أشارت الصحف العالمية إلى الحالات السيئة التي وصل إليها اللاجئون المسلمون في بورما وتوجهت بنغلاديش بنداء إلى هيئة الأمم المتحدة للتدخل للمساعدة في حل مشكلة اللاجئين من مسلمي بورما، فتدخلت رابطة العالم الإسلامي وعدد من الحكومات العربية، فخففت بورما من حملتها على المسلمين مؤقتا، ووقعت مع بنجلاديش اتفاقية دكا سنة 1398 هـ من أجل عودة اللاجئين من مسلمي بورما إلى أوطانهم في أراكان.

إلا أنها عادت من جديد لممارسة الإرهاب والتعذيب، فأغلقت المدارس الإسلامية وصادرت المجلات والصحف الخاصة بالمسلمين، وتم تأميم أوقاف المسلمين، وحجزت جوازات سفر أبناء المسلمين ولم يسمح لهم بالسفر إلا بإذن من السلطات البورمية وبعد توضيح أسباب السفر، ورفض تعيين المسلمين في الوظائف القيادية، وهدمت وأغلقت المساجد في قرى كوين وساندونيه .

ولقد طالبت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في مذكرتها لمؤتمر القمة الإسلامي الثالث بالبحث عن حل سلمي لمشكلة الرهنجيين، وظهرت جبهة تحرير مسلمة هي جبهة روهنجة التي تطالب بالحكم الذاتي في شمال أراكان ضمن دولة بورما.

(حاضر العالم الإسلامي: د.جميل المصري)