بنود الموقع
عضوية الموقع

احصائيات الموقع

عدد الزوار   
2500
عدد الصفحات   
56
عدد الزيارات   
813356


جديد الموقع: الفاضحة !!
جديد الموقع: عجبا رأيت !!
جديد الموقع: سَذاجَةُ فراشَة
جديد الموقع: عبرة لأولي النُّهى

الأبحاث العلمية

ترتيب آيات وسور القرآن الكريم

.
نشر بتاريخ الأربعاء, 18 نيسان/أبريل 2018 21:38

ترتيب آيات وسور القرآن الكريم

دراسة في علوم القرآن وعلوم الحديث

الباحثان:  أ. د / محمد أبو زيد أبو زيد: وقد تولى ما يخص البحث من التفسير وعلوم القرآن والدراية بشكل عام، و أ. د / عمر محمد الفرماوي: وقد تولى ما يخص البحث من علوم الحديث 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد

فإنه لا تخطئ العين ما تتعرض له الأمة الإسلامية اليوم بفكرها وتراثها، من غزو فكري لا يغادر كبيرة ولا يستهين بصغيرة، إذ استغل أعداؤها كبوتها فانهالوا عليها بحديدهم وفكرهم، آخذين بنبش الماضي ليحرقوا المستقبل، هادفين إلى تشويه فكرنا، وتغيير طريقنا، فرجعوا إلى ما كنا نسرده سردا، ليضعوه تحت المجهر، باحثين عن ثغرة يصوبون منها سهامهم المسمومة، وليقتنصوا هفوة لعالم، أو زلة لقلم، يقيموا عليها ترهاتهم، ويسندوا بها شبهاتهم.

وقد عظم الخطب بعد أن احترف عدونا في دراسة ديننا وتراثنا، ليفسده علينا، وليعكر علينا حوضنا الذي ننهل منه، وليقنعنا بأن حوضه أصفى نبعاً وألذ طعماً. وهيهات هيهات..

ولما كان القرآن الكريم هو حبل الله المتين الذي يلوذ به شتات الأمة، فتعتصم به من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، وبكافة ألوانها وألسنتها، هبت مراكز استشراقهم، وتطاير الشرر من أنيابها حقدا على كتاب الله، ولكن الله حافظ دينه وكتابه، وقد يسر له قديما وحديثا أفذاذ العلماء يذودون عنه بالمهج والأرواح، ويستلون أقلامهم ليقارعوا الشبهة بالحجة، والزيف بالبرهان، فوجهوا سهام حججهم إلى أكباد الشبهات فأحالوها جثثاً، وأضاءوا ليل الشك بنور اليقين، فأثبتوا للقريب والبعيد، بأن الله قد حفظ هذا الدين، وسيحفظه إلى أن يطوي هذا الكوكب آخر صفحاته وسجلاته.

وقد عزمنا على ضعف منا نجبره بتوكلنا على ربنا وتوفيقه، أن نقتحم هذا الميدان طلباً لشرف الذب عن كتاب الله تعالى ما مكننا الله من ذبه، سائلين المولى أن يجعلنا في عداد حراس دينه وكتابه.

فكان موضوع هذا البحث المتواضع إحدى الشبه المثارة على كتاب الله تعالى،

 وهي ترتيب آيات القرآن الكريم وسوره، إذ يدّعون أن الصحابة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ قد تصرفوا بكتاب الله تعالى ببشريتهم، ووظفوا لشبهتهم هذه روايات مردودة من تاريخ القرآن الكريم، تدل على سوء بضاعتهم، ونبوّ سهمهم.

فأراد الباحثان أن يعيدا النظر في هذه الروايات رواية ودراية، ليتضح الغث من السمين، والشك من اليقين، وليردوا سهم الباطل إلى نحره، وقد ثبت أن كتاب الله مستعص على أهل الباطل، تتكسر على صلابته نصال سهامهم.

وقد تناول البحث الحديث عن ترتيب الآيات والسور على هذا النحو:

تم تقسيم البحث إلى ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: ترتيب الآيات في السور: فتبين أن الأمة قد أجمعت على ترتيبها

المبحث الثاني: ترتيب السور كما هي عليه الآن في المصحف الشريف: وكان فيه خلاف ظاهري

المطلب الأول: ترتيب سور القرآن كان باجتهاد من الصحابة

 المطلب الثاني: اجتهاد الصحابة كان في ترتيب بعض سور القرآن

المطلب الثالث: ترتيب السور في القرآن توقيفي.

المبحث الثالث: الترجيح.

المطلب الأول: ترتيب السور في جمع عثمان مستمد من جمع أبي بكر.

المطلب الثاني: ترتيب السور من جوانب الإعجاز الإلهي.

المطلب الثالث: الترتيب التوقيفي للسور متناسب مع ظاهر القرآن.

المطلب الرابع: أدلة عقلية توجب ترجيح الترتيب التوقيفي للسور.

ونرجو ممن يستفيد من هذا البحث أن يشملنا، ووالدينا، وأهلينا، وأولادنا، ومشايخنا، وكل من له حق علينا بدعوة صالحة، علها تكون سبباً للنجاة من النار.

والحمد لله رب العالمين

المبحث الأول: ترتيب الآيات في السور

لم يختلف المسلمون عبر تاريخهم منذ بداية نزول القرآن الكريم وإلى يومنا هذا في أن ترتيب الآيات توقيفي تعليم من جبريل عليه السلام للرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وقد أجمعت الأمة على ذلك، ونقل الأجماع جمع غفير من علماء القرآن والحديث والفقه وغيرهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

قال السيوطي: الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك، وأما الإجماع فنقله غير واحد منهم الزركشي في البرهان، وأبو جعفر بن الزبير في مناسباته وعبارته: ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وأمره من غير خلاف في هذا بين المسلمين.([1])

قال ابن قدامة المقدسي (ت ٦٢٠ هـ): ترتيب الآيات واجب؛ لأن ترتيبها بالنص إجماعاً.([2])

وقال أبو جعفر الغرناطي(ت ٧٠٨ هـ): اعلم أولاً أن ترتيب الآيات في سورها وقع بتوقيفه وأمره، من غير خلاف في هذا بين المسلمين([3]).

وقال الملا على القاري (ت ١٠١٤هـ): ترتيب الآيات توقيفي، وعليه الإجماع.([4])

وقال شهاب الدين النفراوي (ت ١١٢٧هـ): ترتيب الآيات توقيفي اتفاقاً.([5])

والسبب في الإجماع على توقيف ترتيب الآيات في السورة القرآنية وعدم الاختلاف يرجع إلى أدلة كثيرة، أهمها:

١- الآيات هي كلام الله الذي بينه لعبادة كما في قوله: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ﴾،([6]) ولا يكون البيان مفهوما لو كان بغير تريب. ولو رتبه غيره سبحانه لاحتمل الخطأ، وهذه طبيعة أعمال البشر.  

٢- الآيات وإن نزلت منجمة إلا أنها رتبت على ما نُسخت منه، وهو اللوح المحفوظ، قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾،([7])  وقال: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ﴾.([8])

وسيتضح هذا المعنى بجلاء في آخر البحث، عند إثبات أن الأصل في القرآن الكريم أنه جُمع ورتب كما كان في اللوح المحفوظ.

٣- عدم الترتيب التاريخي بين الآيات المنسوخة والناسخة أحيانا: فعن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾،([9]) قد نسختْها الآيةُ الأُخرى، فلِمَ تكْتُبُها؟ قال: يا ابن أخي، لا أُغَيِّرُ شيئاً من مكانهِ.([10])

ويقصد بالآية الأخرى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ ِبأَنْفُسِهِنَّ

أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾.([11]) فهي ناسخة ومتقدمة عن الأولى في الترتيب، ومتأخرة عنها في النزول. ولو كان الترتيب بالاجتهاد لناسب أن تكون الآية الناسخة متأخرة بالذكر!

٤- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  رجلاً يقرأ في المسجد، فقال: «رحمه الله، لقد أَذْكَرَنِي كذا وكذا آية، أَسْقَطْتُهُنَّ من سورة كذا، وكذا»([12]).

ونص هذا الحديث يفيد بأن ترتيب الآيات في السورة كان توقيفياً، فقد حفظه الصحابي وتلاه، كما كان يحفظه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وما هذا إلا لتعليم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  الآيات مرتبة لصحابته.

٥- ثبوت تعيين الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  لآيات في أماكنها: فعن عمر رضي الله عنه: ما راجَعْتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  ما راجَعتُه في الكلالَةِ، وما أغلظ لي في شيءٍ ما أغلظ لي فيها، حتى طعن بِإِصبعه في صدري، وقال: يا عمرُ، ألا تكفيكَ آيةُ الصَّيفِ، التي في آخِر سورة النساء؟([13]).

يتضح من هذا الحديث تحديد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  لمكان آية الكلالة في آخر سورة النساء، ويتضح من الحديث أن عمر لم يكن يجهل ذلك المكان! وهذا من تعليم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  ترتيب الآيات في السور لصحابته.

٦- بعض السور كانت تنزل كاملة دفعة واحدة: مثل سورة التوبة، والكوثر، والفاتحة، والمعوذات، والمرسلات، والمدثر، وغيرها.([14])

- فعن البراء رضي الله عنه قال: آخر سورة نزلت كاملة، براءة.([15])

- وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: قال لي ابن عباس: تعلم آخر سورة نزلت من القرآن، نزلت جميعا؟ قلت: «نعم، إذا جاء نصر الله والفتح»، قال: صدقت.([16])

- عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط، ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ و ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾. ([17])

- عن أنس، قال: بينا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله قال: «أنزلت علي آنفا سورة» فقرأ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾.([18])

٧- تلاوة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  للقرآن الكريم في الصلاة وغيرها مرتبة، وتناقلها الصحابة سماعا بينهم ولمن بعدهم، ولا شك أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  قد بلّغ القرآن الكريم على الترتيب الذي سمعه من جبريل عليه السلام.

- عن حذيفة، قال: صليت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول: «سبحان ربي العظيم»، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: «سمع الله لمن حمده»، ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد، فقال: «سبحان ربي الأعلى»، فكان سجوده قريبا من قيامه. قال: وفي حديث جرير من الزيادة، فقال: «سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد».([19])

- وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: «كان يقرأُ في الصُّبح في السَّفَر بالعَشْرِ السُّورِ الأُولِ من المفصَّل: في كل ركعة بأُمِّ القرآن وسورة»([20]). وغير هذا كثير جداً([21]).

٨- سماع الرسولـ صلى الله عليه وسلم ـ  للقرآن من صحابته مرتبا وإقراره لهم، وقد حصل هذا مرارا، ومنها:

أ- سماعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ  للقرآن من ابن مسعود رضي الله عنه:

-عن عبد الله بن مسعود، قال: قال لي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «اقرأ علي»، قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أنزل؟ قال: «نعم» فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: ﴿فَكيفَ إذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشهِيدٍ وجِئنا بكَ على هؤلاءِ شهيداً﴾([22])  قال: «حسبك الآن» فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان([23]).

ب- سماعهـ صلى الله عليه وسلم ـ  لقراءة أصحابه في الليل:

- عن أبي موسى، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن

كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار»([24]).

جـ- سماعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ  لعمر بن الخطاب وهشام بن حكيم رضي الله عنهما:

- فعن عمر بن الخطاب قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام، يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة، لم يقرئنيها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فكدت أساوره([25]) في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته([26]) بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقلت: كذبت، فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «أرسله، اقرأ يا هشام» فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «كذلك أنزلت»، ثم قال: «اقرأ يا عمر» فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه».([27])

وقول الرسولـ صلى الله عليه وسلم ـ : «هَكَذا أُنْزِلتْ»: لدليل واضح على أن ترتيب الآيات بتعليم من جبريل عليه السلام.

د- سماع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  لأسيد بن حضير رضي الله عنه:

فعن أسيد بن حضير أنه قال: يا رسول الله بينا أنا أقرأ الليلة سورة البقرة إذ سمعت وجبة من خلفي فظننت أن فرسي انطلق، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "اقرأ أبا عتيك" فالتفت فإذا مثل المصباح مدلى بين السماء والأرض، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  يقول: "اقرأ أبا عتيك". فقال: يا رسول الله فما استطعت أن أمضي، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "تلك الملائكة تنزلت لقراءة سورة البقرة. أما إنك لو مضيت لرأيت العجائب»([28]).

٩- أخذ كتبة الوحي وغيرهم من الصحابة القرآنَ مرتباً سماعاً من فم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

١٠- معارضة جبريل ـ عليه السلام ـ  للقرآن مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  في كل عام في شهر رمضان مرة واحدة، وفي العام الذي توفي فيه عارضه مرتين([29]). ولا شك أن المعارضة كانت على آخر ترتيب للآيات. والمعارضة هي المدارسة، والعرض من الطرفين، كل على الآخر([30]).

١١- كانت مصاحف الصحابة مكتوبة على هذا السماع، لم يصلنا أي خلاف عنهم في ترتيب الآيات الكريمة.

١٢-  سنرى عند دراسة ترتيب السور أن الأصل في القرآن أنه مرتب كما هو في اللوح المحفوظ، وبالتالي لا بد أن يكون الترتيب توقيفياً.

****

المبحث الثاني: ترتيب السور كما هي عليه الآن في المصحف

يظهر من خلال البحث أن العلماء اختلفوا في ترتيب سور القرآن الكريم في المصحف الشريف على ثلاثة مذاهب:

المذهب الأول: يرى ترتيب سور القرآن الكريم كان باجتهاد من الصحابة.

المذهب الثاني: يرى أن ترتيب سور القرآن الكريم كان بعضه اجتهادي وبعضه توقيفي.

المذهب الثالث: يرى أن ترتيب سور القرآن الكريم كان توقيفياً كاملاً.

وبالتالي لا بد من دراسة هذه المذاهب لمعرفة ما لها وما عليها.

المطلب الأول: ترتيب سور القرآن كان باجتهاد من الصحابة

المقصد الأول: القائلون بأن ترتيب السور كان باجتهاد من الصحابة

تبين من خلال البحث أن بعض العلماء يقول بأن ترتيب القرآن كان باجتهاد من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين- والظاهر في كلامهم الإطلاق بغير تقييد بسورة معينة! ومن هؤلاء:

قال ابن رجب (ت ٥٩٧ هـ): وقال جمهورُ العلماءِ - منهم المالكيَّة والشافعيَّة -: ترتيبُ السور بالاجتهاد من الصحابةِ([31]). وفي شرح طيبة النشر نسب كذلك هذا القول للإمام مالك والجمهور([32]).

وقال الباقلاني (ت ٤٠٢هـ): يمكن أن يكون الرسول ﷺ قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحفُ عثمان، كما رتب آياتِ سوره، ويمكن أن يكون قد وكَلَ ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتولّ ذلك بنفسه ﷺ، وأن هذا القول الثاني أقربُ وأشبه أن يكون حقاً ([33]). واستدل الباقلاني بأثر يزيد الفارسي([34]) عن ابن عباس في  جمع عثمان رضي الله عنه.

وقال ابن الجزي (ت ٨٣٣هـ): ترتيب السور على ما هو الآن من فعل عثمان

وزيد بن ثابت والذين كتبوا معه المصحف، وقد قيل إنه من فعل رسول الله ﷺ، وذلك ضعيف تردّه الآثار الواردة في ذلك.([35])

ونقل السيوطي عن ابن فارس قوله: جُمِعَ القرآن على ضربين: أحدهما تأليف السور كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين فهذا هو الذي تولته الصحابة وأما الجمع الآخر وهو جمع الآيات في السور فهو توقيفي تولاه النبي ﷺ كما أخبر به جبريل عن أمر ربه.

ومما استدل به لذلك اختلاف مصاحف السلف في ترتيب السور فمنهم من رتبها على النزول وهو مصحف علي كان أوله اقرأ ثم المدثر ثم ن ثم المزمل ثم تبت ثم التكوير وهكذا إلى آخر المكي والمدني وكان أول مصحف ابن مسعود البقرة ثم النساء ثم آل عمران على اختلاف شديد وكذا مصحف أبي وغيره.([36])

وقال ابن قدامة المقدسي: ترتيب الآيات واجب لأن ترتيبها بالنص إجماعا ـ وترتيب السور بالاجتهاد لا بالنص في قول جمهور العلماء منهم المالكية والشافعية فتجوز قراءة هذه قبل هذه، وكذا في الكتابة، ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة في كتابتها، لكن لمّا اتفقوا على المصحف زمن عثمان صار هذا من سنة الخلفاء الراشدون([37]).

وقد جعل الشيخ تقي الدين جمع مصحف عثمان باتفاق الصحابة من السنن المتبعة، وهو يشير بذلك إلى حديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ :  

عن العرباض: صلى بنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  ذات يوم، ثم أقبل علينا بوجهه، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال رجل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.([38])

المقصد الثاني: أدلة القائلين بأن ترتيب السور كان باجتهاد من الصحابة

من خلال التأمل في الأقوال السابقة يتبين أن هذا الفريق اعتمد في قوله هذا على أدلة أهمها:

  1. الاختلاف في ترتيب مصاحف الصحابة الشخصية.
  2. قراءة الرسول ﷺ سورا بغير ترتيب المصحف أحيانا.

فعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: قال: «صليت مع النبي ﷺ ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في الركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده - زاد في رواية: ربنا لك الحمد -: ثم قام قياما طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد، فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبا من قيامه»([39]).

  1. جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن الكريم.

قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: أخبرنا عمرو بن عون، أخبرنا هشيم، عن عوف، عن يزيد الفارسي، قال: سمعت ابن عباس، قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين، وإلى الأنفال وهي من المثاني فجعلتموهما في السبع الطوال ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم؟

قال عثمان: كان النبي ﷺ مما تنزل عليه الآيات فيدعو بعض من كان يكتب

 له، ويقول له: «ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها، كذا وكذا»، وتنزل عليه الآية والآيتان، فيقول: مثل ذلك.

وكانت الأنفال من أول ما أنزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فمن هناك وضعتها في السبع الطوال، ولم أكتب بينهما سطر: (بسم الله الرحمن الرحيم)([40]).

المقصد الثالث: مناقشة أدلة القائلين بأن ترتيب السور كان باجتهاد من الصحابة

مناقشة الدليل الأول: الاختلاف في ترتيب مصاحف الصحابة الشخصية

* إن المتأمل في نزول القرآن الكريم عبر ثلاث وعشرين سنة منجما، ليعلم بالاضطرار أن ترتيب سور القرآن الكريم ما كان له ليكتمل قبل اكتمال نزله، بل حتى السورة الواحدة، ما كنا لنجزم باكتمالها ما لم يكتمل نزول القرآن الكريم، فما زال جبريل عليه السلام ينزل بالآيات ويحدد أماكنها دون فرق في ذلك بين سور مكية أو مدنية.

ومن هنا نشأ ما يعرف بالآيات المدنية في السور المكية، والآيات المكية في السور المدنية. وكان هذا علة لعدم أمر الرسول ﷺ لصحابته بترتيب معين للسور، فكانوا يجتهدون بكتابة ما يصلهم باجتهاد شخصي، ليس له قانون يعرف، وبالتالي فإن مصاحف الصحابة تعبر عن حال يمر بها تنزّل القرآن الكريم لا غير، ومن التعسف أن نعَدّ هذا دليلاً على مشروعية عدم ترتيب القرآن، بعد أن تبين أن ترتيبه لم يكن ممكنا!

ومعلوم لكل مطّلع على تَنزّل القرآن الكريم بأن جبريل كان في كل عام ينزل على رسول الله ﷺ مرة في شهر رمضان؛ ليعارضه القرآن الكريم، ونزل في العام الذي توفي فيه رسول الله ﷺ مرتين في رمضان: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان يَعرض جبريل على النبي ﷺ القرآن كل عام مرة، فعَرض عليه مرتين في

 العام الذي قبض فيه([41]).

وكان رسول الله ﷺ كعادته يدعو كتبة الوحي إثر كل نزول، ومعارضة، ليُدوّنوا آخر حال للقرآن الكريم، ولذلك عندما جَمع كتبةُ الوحي القرآن الكريم زمن أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما، لم يعترض الصحابة عليهما بمصاحفهم؛ لعلمهم بأنها تابعة للعرضة، وليست حجة عليها، وبقي الحال هكذا إلى أن توفي رسول الله ﷺ، فعلم الجميع أن وضع القرآن قد استقر، فمالوا جميعاً دون استثناء إلى العرضة الأخيرة، التي تولى أمرها أبو بكر وعثمان رضي الله عنهما، وما أُثر أن أحداً اعترض عليها.

وبالتالي لا يمكن لمصاحف الصحابة أن تكون حجة لإقرار عدم ترتيب القرآن الكريم، بعد أن عرفنا حال تنزله وتعسر ترتيبه من قبل، فلو كان الترتيب ممكناً، ولم يأمر به رسول الله ﷺ لكان في هذا الكلام حجة على ما ادعاه هذا الفريق، إلا أنه تبين أن الترتيب كان متعسراً، فلم يكن تركه تشريعاً لعدم الترتيب.

* لم يكن الصحابة يعلمون أن الترتيب توقيفياً إلا متأخراً بعد العرضة الأخيرة، التي حددت ترتيب القرآن الكريم بشكله النهائي.

* مصاحف الصحابة مصاحف شخصية، وترتيبها عن اجتهاد شخصي، وطالما أنها ليست من إملاء الرسول ﷺ فلا نستطيع أن نحتج بها، ولا سيما أنه كان فيها أشياء غير القرآن الكريم، مثل التفسير.

يقول الزركشي: وإن كان مصحف عبد الله بن مسعود قُدمت فيه سورة النساء على آل عمران، وترتيب بعضها بعد بعض ليس هو أمراً أوجبه الله، بل أمر راجع إلى اجتهادهم واختيارهم؛ ولهذا كان لكل مصحف ترتيب.([42])

وقال على القاري: مع أن الأصح أن ترتيب السور توقيفي أيضاً، وإن كانت مصاحفهم مختلفة في ذلك قبل العرضة الأخيرة التي عليها مدار جمع عثمان، فمنهم من رتبها على النزول، وهو مصحف علي أوله اقرأ، فالمدثر، فَنُون، فالمزمل، فتبّت، فالتكوير، وهكذا إلى آخر المكي والمدني، ومما يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رتبت ولاء، وكذلك الطواسين، ولم يرتب المسبحات ولاء، بل فصل بين سورها، وكذا اختلاط المكيات بالمدنيات، والله أعلم.([43])

مناقشة الدليل الثاني: قراءة الرسول ﷺ في صلاته سورا على خلاف ترتيب المصحف أحيانا

لا بد من التفريق بين القراءة في الصلاة، وبين ترتيب السور في المصحف، فلا علاقة بين هذه وتلك، وإن عُهد أن الرسولـ صلى الله عليه وسلم ـ  كان يلتزم في الأكثر ترتيب المصحف، إلا أنه ثبت أنه كان يخالفه أحيانا قليلة.

 كما يُبطل هذا الاستدلال احتمال أن الرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  فعله من باب تعليم الناس أن ترتيب السور في الصلاة ليس بواجب. وهذا ما صرح به السيوطي فقال: فلا يرد حديثُ قراءته النساء قبل آل عمران؛ لأنه ترتيب السور في القراءة ليس بواجب، فلعله فعل ذلك؛ لبيان الجواز.([44])

وقد تتبع الباحث كتب المذاهب الأربعة فوجدهم قد أفادوا هذه الفائدة، فلم يقلْ أحد منهم بالوجوب:

قال ابن نجيم (ت ٩٧٠هـ): مراعاة ترتيب السور من واجبات نظم القرآن، لا من واجبات الصلاة، فتركها لا يوجب سجود السهو.([45])

وقال المازري (ت ٥٣٦هـ): يجوز أن يقرأ في الركعة الأولى بسورة، وفي الركعة

الثانية بسورة قبلها في ترتيب المصاحف.([46])

وفي المجموع شرح المهذب: والسنة أن يقرأ على ترتيب المصاحف متوالياً.... ولو قرأ سورة، ثم قرأ في الثانية التي قبلها، فقد خالف الأولى، ولا شيء عليه، والله أعلم.([47])

 وقال محمد بن مفلح المقدسي: وترتيب السور بالاجتهادات .... فيجوز قراءة هذه قبل هذه. ([48])

ونخلص من هذا إلى نتيجتين أساسيتين:

  1. قراءة الرسول ﷺ بخلاف ترتيب المصحف غير كافية في الاستدلال على ثبوت الاجتهاد في ترتيب كامل سور القرآن الكريم.
  2. يترجح لدى الباحث أن قراءة الرسول ﷺ بخلاف ترتيب المصحف كانت لتبيين أن ذلك جائز. وهذا ما تمت ملاحظته من خلال مراجعة كتب المذاهب الأربعة.

مناقشة الدليل الثالث: أثر يزيد الفارسي في جمع عثمان رضي الله عنه.

الحديث المُستدل به في جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن الكريم حجة على أصحاب هذا المذهب لا لهم؛ لأنه يتحدث عن اجتهاد جزئي مخصوص في بعض السور، وليس في كل سور القرآن الكريم، وهو نفسه الحجة الرئيسة في المذهب الثاني القائل بأن ترتيب القرآن الكريم كان باجتهاد في بعض السور، وضربوا مثالاً عليه اجتهاد عثمان ـ رضي الله عنه ـ في ترتيب سورتي الأنفال والتوبة؛ لذا سندع نقاشه بالتفصيل إلى المطلب الثاني القادم مباشرة.

المقصد الرابع: مصداقية وجود هذا الرأي في الواقع

سبق ذكر أقوال العلماء الذين أطلقوا الاجتهاد في ترتيب سور القرآن الكريم، إلا أنه يظهر من خلال البحث أن هذا الإطلاق لا يسلم بسبب عدة ملاحظات، ومنها أنه لم يكن مقصودا لبعض من أطلقه أو نُسب عليه! وبالتالي فهو ليس بالزخم المتوهم، وهذه الملاحظات:

  1. مدى صحة الأقوال لمن نسبت إليهم

جاء في فتح البيان في مقاصد القرآن: روى يونس عن ابن وهب، قال: سمعت مالكاً يقول: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعونه من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .([49])

فهذا النص عن الإمام مالك فيه إثبات إلى توقيف ترتيب سور القرآن وليس الاجتهاد في ترتيبه! وقد لمح الزركشي ما يظهر من تناقض فيما يروى عن الإمام مالك فقال:

قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ! مع قوله بأن ترتيب السور اجتهاد منهم، فآل الخلاف إلى أنه هل ذلك بتوقيف قولي أم بمجرد استناد فعلي، وبحيث بقي لهم فيه مجال للنظر.([50])

وهذا شهاب الدين النفراوي الأزهري المالكي (ت ١١٢٦هـ) يقول: ترتيب السور من جبريل كما ورد، وترتيب الآيات من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فترتيب سوره وآياته توقيفي، والذي جمعه هو زيد بن ثابت وذلك؛ لأنه كان مفرقا في صدور الرجال زمان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .([51])

وبالنسبة للنقل عن المذهب الشافعي قوله بالاجتهاد في ترتيب السور، فيبدو أنه لبعضهم، فها هو ابن حجر العسقلاني من علماء المذهب لا يمانع في أن يكون ترتيب السور توقيفياً وإن كان بعضه ـ وليس كله ـ بنظره اجتهاديا:

قال ابن حجر: ترتيب بعض السور على بعض أو معظمها لا يمتنع أن يكون توقيفا، وإن كان بعضه من اجتهاد بعض الصحابة.([52])

وكذلك نرى أن السيوطي وهو من علماء الشافعية ينحو نحو ابن حجر، فيثبت أن الترتيب توقيفي إلا في الأنفال والتوبة فيقول:

ومما يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رتبت ولاء وكذا الطواسين ولم تُرتب المسبحات ولاء، بل فصل بين سورها، وفصل بين (طسم) الشعراء، و(طسم) القصص بـ (طس) مع أنها أقصر منهما، ولو كان الترتيب اجتهاديا لذكرت المسبحات ولاء، وأخرت (طس) عن القصص. والذي ينشرح له الصدر ما ذهب إليه البيهقي، وهو أن جميع السور ترتيبها توقيفي إلا براءة والأنفال([53]).

والبقاعي الشافعي بعد أن ذكر أن ترتيب السور باجتهاد من الصحابة، عاد ليوضح قصده، بأنه يقصد بأنه لا يوجد نص قولي، وأما السنة الفعلية فهي ما جُمع عليها القرآن الكريم عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال في الرد على من اعترض عليه في مناسبة سورة اقرأ:

ولعل بعض من لم يتفطن، يعترض هنا بأن هذه السورة من أول ما أنزل، فكيف يستقيم مرادك من ادعاء ترتيبها على ما تأخر عنها نزولاً، فنقول له: وأين غاب اعتراضك في عدة سور مما تقدم بل في معظم ذلك، وإلا فليست سورة البقرة من المدني، ومقتضى تأليفنا هذا بناء ما بعدها من السور على الترتيب الحاصل في مصحف الجماعة إنما هو عليها وفيها بعد من المكي ما لا يحصى، فإنما غاب عنك نسيان ما قدمناه في الخطبة من أن ترتيب السور على ما هي عليه راجع إلى فعله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  أكان ذلك بتوقيف منه أو باجتهاد الصحابة رضي الله عنهم على ما قدمناه، فارجع بصرك، وأعد في الخطبة نظرك، والله يوفقنا إلى اعتبار بيناته وتدبر آياته.([54])

وأما الباقلاني فقد شدد النكير على من قصر الاجتهاد على ترتيب الأنفال والتوبة فقال:

فلذلك لم يجز لأحد أن يقول: إنما ترك رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  التأليف والترتيب في الأنفال وبراءة فقط، وأوجبه ونصّ عليه في غيرها([55]).أ.هـ. إلا أنه لم يستطع أن يأتي بدليل على أن الصحابة اختلفوا على أكثر من ذلك في جمع أبي بكر وعثمان، وكان ما أثبته من خلاف في ترتيب السور مبني على أثر يزيد الفارسي الضعيف في جمع عثمان رضي الله عنه فقط. وهذا ما سندرسه بالتفصيل في المطلب الثاني.

  1. احتجاجهم بأثر يزيد الفارسي الضعيف في جمع عثمان، هو الدليل الوحيد الذي يذكر خلافا بين الصحابة في ترتيب سور القرآن، وهو يذكر الخلاف في ترتيب الأنفال والتوبة فقط، وهذا يضعف الجانب الواقعي لهذا المذهب.
  2. ليس لديهم دليل صريح في أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  أباح الاجتهاد في ترتيب سور القرآن الكريم.
  3. الروايات الكثيرة التي ذكرت ترتيب سور القرآن الكريم مرتبة في زمن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وبقيت على هذا الترتيب في مصحف عثمان رضي الله عنه، تدل دلالة واضحة على أن الاجتهاد لم يكن مفتوحا على مصراعيه. ومن هذه الأحاديث:

- قال ابن مسعود في: بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء: «إنهن من العتاق الأُوَل، وهن من تِلادي»([56])، فذكرها نسقاً، كما استقر ترتيبها، والترتيب في قول ابن مسعود هو نفس ترتيب مصحف عثمان.

- عن عائشة: "أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس... "([57]) ، وما قرأه الرسولـ صلى الله عليه وسلم ـ  هو على نفس ترتيب مصحف عثمان.

- وعن واثلة بنِ الأسقع، أن النَّبِي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  قال: "أعطيت مكان التوراة السبع، وأعطيت

 مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل.([58])

وهذا كذلك نفس ترتيب القرآن اليوم. ولذلك قال أبو جعفر وهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأنه مؤلف من ذلك الوقت، وإنما جُمع في المصحف على شيء واحد؛ لأنه قد جاء هذا الحديث بلفظ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  على تأليف القرآن، وفيه أيضا دليل على أن سورة الأنفال سورة على حدة، وليست من براءة.([59])

وما سقته من روايات هنا ليس للاستدلال على شيء فات علماء هذا القول بالطبع، فهم أجل من ذلك بلا ريب، فهذه روايات مشهورة معلومة، وإنما الغرض منها إثبات أنهم عندما قالوا بالاجتهاد في ترتيب سور القرآن الكريم، لم يقصدوا به الاجتهاد في كل سور القرآن.

بل رجح الزركشي أن قصدهم كان نفي السنة القولية في ذلك، وأما السنة الفعلية فقد التزموا بها، وكان عليها جمع القرآن الكريم، وهو رأيهم الحقيقي فقال:

وأما ترتيب السور على ما هو عليه الآن فاختلف هل هو توقيف من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أو من فعل الصحابة، أو يُفصّل في ذلك، ثلاثة أقوال:

مذهب جمهور العلماء، منهم مالك والقاضي أبو بكر بن الطيب فيما اعتمده واستقر عليه رأيه من أحد قوليه إلى الثاني، وأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ  فوض ذلك إلى أمته بعده. وذهبت طائفة إلى الأول، والخلاف يرجع إلى اللفظ؛ لأن القائل بالثاني يقول: إنه رمز إليهم بذلك؛ لعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته، ولهذا قال الإمام مالك: إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، مع قوله بأن ترتيب السور اجتهاد منهم. فآل الخلاف إلى أنه: هل ذلك بتوقيف قولي؟ أم بمجرد استناد فعلي؟ وبحيث بقي لهم فيه مجال للنظر.([60])

المطلب الثاني: اجتهاد الصحابة كان في ترتيب بعض سور القرآن

المقصد الأول: القائلون باجتهاد الصحابة في ترتيب بعض السور

ظهر في المذهب الأول أن الذين قالوا بالاجتهاد المطلق للصحابة في ترتيب القرآن الكريم، أن قصدهم الترتيب في بعض سوره وليس كله، وقد سبق ذكر العلماء، ومناقشتهم هناك.

إلا أن بعض العلماء كان أكثر دقة في تعبيره، واتضح من كلامه أنه أخذ مكانا وسطا: بين القائلين بالاجتهاد العام للصحابة في ترتيب القرآن الكريم، وبين من قال بالتوقيف التام على هدي الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ . والواضح من أقوال هؤلاء العلماء أنهم يتحدثون عن جمع عثمان ـ رضي الله عنه ـ تحديدا، وما زُعم من خلاف بين الصحابة في ترتيب سورتي الأنفال والتوبة، والطريقة التي زعموا أن الصحابي الجليل عثمان ـ رضي الله عنه ـ عالج فيها هذا الخلاف.

ومن أقوال القائلين باجتهاد الصحابة في ترتيب بعض سور القرآن الكريم:

قال السيوطي: والذي ينشرح له الصدر ما ذهب إليه البيهقي، وهو أن جميع السور ترتيبها توقيفي، إلا براءة والأنفال([61]).

وقال ابن حجر: بل الذي يظهر أنه كان يعارضه به على ترتيب النزول نعم ترتيب بعض السور على بعض أو معظمها لا يمتنع أن يكون توقيفا وإن كان بعضه من اجتهاد بعض الصحابة... ولما لم يفصح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  بأمر براءة أضافها عثمان إلى الأنفال اجتهادا منه رضي الله تعالى عنه([62]).

وقال ابن كثير وابن جزي: وَالظَّاهر أن ترتيب السور فيه منه ما هو رجع إِلَى رأي عثمان([63]).

المقصد الثاني: أدلة القائلين باجتهاد الصحابة في ترتيب بعض السور

استدل القائلون باجتهاد الصحابة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ في ترتيب بعض السور بأدلة أهمها:

  1. اختلاف ترتيب مصاحف الصحابة رضوان الله عليهم.
  2. قراءة الرسولـ صلى الله عليه وسلم ـ  في الصلاة ـ أحيانا ـ بعض السور على غير ترتيب المصحف.
  3. عدم ثبوت أمر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  بترتيب سور المصحف.
  4. أثر يزيد الفارسي في جمع عثمان رضي الله عنه.

وقد تمت مناقشة الأدلة الثلاثة الأولى سابقاً، في المذهب القائل بالاجتهاد المطلق للصحابة في ترتيب كل سور القرآن الكريم. وبقي أن ندرس الآن أقوى دليل لكل من قال باجتهاد الصحابة في ترتيب القرآن الكريم، سواء أكان اجتهاداً عاماً، أو خاصا ببعض السور، وهو أثر يزيد الفارسي في جمع عثمان رضي الله عنه، وهو:

قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: أخبرنا عمرو بن عون، أخبرنا هشيم، عن عوف، عن يزيد الفارسي، قال: سمعت ابن عباس، قال: قلت لعثمان بن عفان:

ما حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين، وإلى الأنفال وهي من المثاني فجعلتموهما في السبع الطوال ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم؟

قال عثمان: كان النبي ﷺ مما تنزل عليه الآيات فيدعو بعض من كان يكتب له، ويقول له: «ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها، كذا وكذا»، وتنزل عليه الآية والآيتان، فيقول: مثل ذلك.

وكانت الأنفال من أول ما أنزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فمن هناك وضعتها في السبع الطوال، ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم.

ولنفهم الرواية أكثر نقتبس:

قال العيني: وقيل: " لما اختلفت الصحابة في أنهما سورة واحدة هي سابعة السبع الطُوَلِ، أو سورتان تركت بينهما فرجة، ولم يكتب (بسم الله الرحمن الرحيم).

وقال الشوكاني: ومن جملة الأقوال في حذف البسملة أنها كانت تعدل سورة البقرة، أو قريبا منها، وأنه لما سقط أولها سقطت البسملة، روي هذا عن مالك بن أنس وابن عجلان. ومن جملة الأقوال في سقوط البسملة أنهم لما كتبوا المصحف في خلافة عثمان اختلف الصحابة، فقال بعضهم: براءة والأنفال: سورة واحدة، وقال بعضهم: هما سورتان، فتركت بينهما فرجة لقول من قال: هما سورتان، وتركت بسم الله الرحمن الرحيم لقول من قال: هما سورة واحدة، فرضي الفريقان. قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما. وقول من جعلهما سورة واحدة أظهر، لأنهما جميعا في القتال، وتعدان جميعا سابعة السبع الطوال([64]).

ولما لأثر يزيد الفارسي من أهمية، وتكاد أن تكون الركن الذي يأوي إليه القائلون باجتهاد الصحابة في ترتيب سور القرآن، سيتناولها البحث بدراسة تفصيلية رواية من حيث علوم الحديث ودراية من حيث علوم القرآن والتفسير:

أولا: التخريج

هذا الحديث مداره على عوف بن أبي جميلة، وقد رواه عنه:

هشيم بن بشير، ومحمد بن جعفر، ويحيى بن سعيد، وابن أبي عدي، وسهل بن يوسف، وإسماعيل بن إبراهيم، وعثمان بن الهيثم، وروح بن عبادة، وهوذة بن خليفة، وإسحاق الأزرق، وسهل بن يوسف، ومروان بن معاوية، والنضر بن شميل، والأشعث بن سوار، وعبد الله بن حمران.

- أما حديث هشيم فقد أخرجه:

- أبو داود في السنن،([65]) من طريق: عمرو بن عون، عنه، به.

- وأما حديث محمد بن جعفر فقد أخرجه:

- أحمد في المسند،([66])من طريقه، بنحو حديث الباب ، إلا أن فيه: فقبض رسول الله ﷺ ولم يبين لنا أنها منها، وظننت أنها منها، فمن ثم قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطرا: بسم الله الرحمن الرحيم. ووضعتها في السبع الطول.

- وابن شبه في تاريخ المدينة،([67]) من طريقه بمثل اللفظ السابق وقال: قال عوف: وهما يدعيان القرينين.

- والترمذي،([68]) من طريق: محمد بن بشار عنه، بلفظ قريب من لفظ أحمد، وقال: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث عوف، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس.

- وابن أبي داود في المصاحف،([69]) من طريق: محمد بن بشار عنه، بنحو لفظ أحمد.

- والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة،([70]) من طريق محمد بن بشار عنه به. بنحو لفظ أحمد.

- وأما حديث يحيى بن سعيد، فقد أخرجه:

- أحمد في المسند،([71])من طريقه، بمثل لفظ محمد بن جعفر، السابق.

- وابن شبه في تاريخ المدينة،([72]) من طريقه بمثل لفظ محمد بن جعفر، السابق.

- والترمذي،([73]) من طريق: محمد بن بشار عنه، بمثل لفظ محمد بن جعفر

السابق. وقال: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث عوف، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس.

- والنسائي في الكبرى،([74]) من طريق محمد بن المثنى عنه، بنحو لفظ محمد بن جعفر.

- والبزار في البحر الزخار،([75]) من طريق: محمد بن المثنى، وعمرو بن علي، بنحو لفظ محمد بن جعفر، وقال: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله ﷺ إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن رسول الله ﷺ إلا عثمان، ولا روى ابن عباس عن عثمان إلا هذا الحديث.

- وابن أبي داود في المصاحف،([76]) من طريق: محمد بن بشار عنه، بنحو لفظ محمد بن جعفر.

- وأما حديث ابن أبي عدي، وسهل بن يوسف، فقد أخرجهما:

- والترمذي،([77]) من طريق: محمد بن بشار عنه، بمثل لفظ محمد بن جعفر السابق، وقال: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث عوف، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس.

- وابن أبي داود في المصاحف،([78]) من طريق: محمد بن بشار عنه، بنحو لفظ محمد بن جعفر  السابق.

- والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة،([79]) من طريق محمد بن بشار عنه به. بنحو لفظ أحمد.

- وأما حديث إسماعيل بن إبراهيم، فقد أخرجه:

- أحمد في المسند،([80])من طريقه بنحو لفظ محمد بن جعفر السابق.

- وأما حديث عثمان بن الهيثم، فقد أخرجه:

- ابن حبان كما في الإحسان،([81]) من طريق: أبي خليفة عنه بنحو لفظ محمد بن جعفر السابق.

- وأما حديث روح بن عبادة، فقد أخرجه:

- الحاكم في المستدرك،([82]) من طريق أبي بكر بن كامل، عن محمد بن سعد العوفي، عنه، بمثل لفظ محمد بن جعفر، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.

- وأما حديث هوذة بن خليفة، فقد أخرجه:

- الحاكم في المستدرك،([83]) من طريق أبي جعفر محمد بن صالح بن هانئ، ثنا الحسن بن الفضل، عنه بنحو لفظ محمد بن جعفر السابق، هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.

وأبو نعيم في معرفة الصحابة،([84]) من طريق أبي بك بن خلاد، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، عنه بنحو لفظ غندر.

والبيهقي في المعرفة،([85]) من طريق أبي عبد الله الحافظ، قال حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، قال: حدثنا الحسين بن الفضل، عنه بنحو لفظ غندر السابق، وقال: قال الشيخ أحمد: قد علمنا بالرواية الصحيحة، عن ابن عباس: أنه كان يعد بسم الله الرحمن الرحيم  آية من الفاتحة، بعد سماع هذا الحديث من عثمان بن عفان.

- والخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق، من طريق: أبي عمر القاسم بن جعفر الهاشمي عن علي بن إسحاق المادرائي عن عبد الله بن مهران، عنه، بنحو لفظ محمد بن جعفر.

- وأما حديث إسحاق بن الأزرق، فقد أخرجه:

- البيهقي في السنن الكبرى،([86])من طريق: أبي محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني، عن أبي سعيد بن الأعرابي، عن سعدان بن نصر، عنه بنحو لفظ محمد بن جعفر السابق.

- وأما حديث سهل بن يوسف، ومروان بن معاوية، فقد أخرجه:

- ابن أبي داود في المصاحف،([87]) من طريق: محمد بن بشار عنهما، بنحو لفظ محمد بن جعفر السابق.

- والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة،([88]) من طريق محمد بن بشار عنهما به. ومن طريق زياد بن أيوب، عن مروان فقط،([89]) الطريق الأول بنحو لفظ أحمد، والثاني إحالة.

- وأبو داود،([90]) من طريق محمد بن بشار، عن مروان فقط، بمعناه، وفيه:

فقبض رسول الله ﷺ، ولم يبين لنا أنها منها.

- وأما حديث النضر بن شميل، فقد أخرجه:

- ابن أبي داود في المصاحف،([91]) من طريق: إسحاق بن منصور الكوسج  عنه، بنحو لفظ محمد بن جعفر السابق.

- وابن زنجويه في الأموال، ([92]) من طريق حميد، عنه، به مختصراً.

- وأما حديث الأشعث بن سوار، فقد أخرجه:

- الطبراني في الأوسط،([93]) من طريق زيد بن أخزم، عن سعيد بن عامر عنه بنحو لفظ أحمد، وقال: لم يرو هذا الحديث عن الأشعث عن عوف إلا سعيد بن عامر، تفرد به زيد بن أخزم.

وأما حديث عبد الله بن حمران فقد أخرجه:

- الطحاوي في شرح مشكل الآثار،([94]) من طريق يزيد بن سنان عنه بنحو لفظ غندر

ثانيا: ترجمة رجال من يحتاج إلى الترجمة من الأسانيد السابقة.

بعد النظر في متابعات الحديث، ظهر أن مداره على عوف بن أبي جميلة، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس.

أما ما تحتهما من الرواة عن عوف فلا يضعف الطريق إلى عوف بسببهم؛ ليظل المحك في قبول الحديث ورده متوقف على ما تبقى من سند، وكذا المتن.

أما بقية السند فيتوقف قبوله على رجلين، هما: عوف بن أبي جميلة، ويزيد الفارسي.

1-: عوف بن أبي جميلة العبدي الهجري أبو سهل البصري المعروف بالأعرابي ولم

يكن أعرابياً.

روى عن: أبي رجاء العطاردي، وأبي عثمان النهدي، ويزيد الفارسي، وغيرهم وعنه: وابن علية، وابن المبارك، والقطان، وهشيم، وجماعة.([95])

قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ثقة صالح الحديث، وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث.([96]) وقال العباس وسمعت رجلاً سأل روح بن عبادة، فقال: يا أبا محمد، عوف الأعرابي كان يتشيع؟ فسكت روح هنيهة، ثم قال: والله لقد كان يذكر فضائل عثمان كثيراً.([97]) وقال النسائي: ثقة ثبت.([98])

وقد أخرج العقيلي عن عمرو بن علي، يقول: رأيت عبد الله بن المبارك يقول لجعفر بن سليمان: رأيت أيوب وابن عون ويونس، فكيف لم تجالسهم وجالست عوفاً؟! والله ما رضي عوف ببدعة واحدة، حتى كانت فيه بدعتان: كان قدرياً، وكان شيعياً.

 وأخرج أيضاً عن محمد بن عبد الله الأنصاري قال: رأيت داود بن أبي هند يضرب عوفاً الأعرابي يقول: ويلك يا قدري، ويلك يا قدري، وأخرج عن محمد بن أحمد قال: سمعت بنداراً، وهو يقرأ علينا حديث عوف، فقال: يقولون: عوف! والله لقد كان عوف قدرياً رافضياً شيطاناً.([99])

وبالنظر إلى رواية عباس الدوري وروايات العقيلي في تشيع الرجل، فروايات العقيلي، أصح وأكثر، قال الذهبي: قيل كان يتشيع، وقد وثقه جماعة.([100]) وقال الحافظ: بفتح الجيم الأعرابي العبدي البصري ثقة، رمي بالقدر، وبالتشيع، من السادسة، مات سنة ست أو سبع وأربعين -أي ومائة- وله ست وثمانون.([101])

إذا فالرجل ثقة، لا شك في ذلك، لكنه كانت فيه بدعتا القدر والتشيع، لذا فإن النقاد من علماء الجرح والتعديل يتمهلون كثيراً عند وجود رواية لمن اتهموا بالتشيع، وخصوصاً إذا كانت روايتهم مما تقوي بدعتهم.

قال أبو إسحاق الجوزجاني أثناء حديثه عن المبتدعة: ومنهم زائغ عن الحق صدوق اللهجة، قد جرى في الناس حديثه إذ كان مخذولاً في بدعته، مأمونا في روايته، فهؤلاء عندي ليس فيهم حيلة إلا أن يؤخذ من حديثهم ما يعرف، إذا لم يقو به بدعته فيتهم عند ذلك.([102])

وفي فتح المغيث: من عقوبة الفاسق المبتدع ألا تذكر محاسنه، وإن لم يوافقه أحد، ولم يوجد ذلك الحديث إلا عنده، مع ما وصفنا من صدقه، وتحرزه عن الكذب، واشتهاره بالتدين، وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته، فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث، ونشر تلك السنة على مصلحة إهانته، وإطفاء بدعته. قلت: وحديث الباب فيه شيء من ذلك.([103])

وقال السيوطي: قيد جماعة قبول الداعية بما إذا لم يرو ما يقوي بدعته، ثم ذكر كلام الجوزجاني السابق، ثم قال: وبه جزم شيخ الإسلام في (النخبة). وقال في شرحها: ما قاله الجوزجاني متجه؛ لأن العلة التي بها رد حديث الداعية واردة فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع ولو لم يكن داعية.([104]) والرواية التي معنا فيها دخن من ذلك!

2-: يزيد الفارسي البصري، والصحيح أنه غير يزيد بن هرمز.

روى عن: عبد الله بن عباس، روى عنه: عوف الأعرابي، وعون بن ربيعة الثقفي، ومالك بن دينار، وحكى عن الحجاج بن يوسف، وعبيد الله بن زياد في أمر المصاحف، وكان كتب مصحف عبيد الله بن زياد. قال بعضهم أنه هو يزيد بن هرمز والصحيح أنه غيره.([105])

قال الإمام البخاري: قال لي علي -أي ابن المديني-: قال عبد الرحمن -أي ابن مهدي- يزيد الفارسي هو ابن هرمز قال: فذكرته ليحيى، فلم يعرفه، قال: وكان يكون مع الأمراء.([106])

قال أبو حاتم: يزيد بن هرمز هذا ليس بيزيد الفارسي، هو سواه، فأما يزيد بن هرمز فهو والد عبد الله بن يزيد بن هرمز، وكان ابن هرمز من ابناء الفرس الذين كانوا بالمدينة وجالسوا ابا هريرة مثل أبي السائب مولى هشام بن زهرة ونظرائه، وليس هو بيزيد الفارسي البصري الذي يروى عن ابن عباس، روى عنه عوف الاعرابي، وإنما يروى عن يزيد بن هرمز الحارث بن ابى ذباب، وليس بحديثه بأس، وكذلك صاحب ابن عباس لا بأس به.([107]) وقال الحافظ: يزيد الفارسي البصري مقبول من الرابعة.([108])

ثالثا: النظر في الخلاف:

بعد النظر في التخريج وتراجم من تم اختياره من الرواة ظهر لي أن يزيد الفارسي قد انفرد برواية هذا الحديث بمفرده ولم يشاركه فيه أي تلميذ من تلامذة ابن عباس المشهورين منهم على كثرتهم، أو المغمورين.

* وعليه: فإن التفرد يُعد مشكلة هذا الحديث، حيث وقع في مكانين في

السند، فلم يروه غير عوف عن يزيد، ولم يروه غير يزيد عن ابن عباس، وغير ابن عباس عن عثمان.

وقد نص على ذلك الترمذي، فقال: لا نعرفه إلا من حديث عوف، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس،([109])

وكذا البزار في البحر الزخار، فقال: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله ﷺ إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن رسول الله ﷺ إلا عثمان، ولا روى ابن عباس عن عثمان إلا هذا الحديث.([110])

 ومثل يزيد الفارسي لا يحتمل تفرده، فهو ليس بالثقة العتيد الذي يقبل منه ذلك.

* إن تفرد الثقة لا يقبل على الإطلاق، حيث إن القبول والرد موقوف على القرائن والمرجحات، قال أبو داود: والأحاديث التِي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير، وهو عند كل من كتب شيئاً من الحديث، إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس، والفخر بها بأنها مشاهير؛ فإنه لا يحتج بحديث غريب، ولو كان من رواية مالك، ويحيى بن سعيد، والثقات من أئمة العلم.([111])

لهذا فإن يزيد الفارسي لما انفرد بهذه الرواية عن عبد الله بن عباس وهو من هو، ولم يشاركه فيها أحد من أصحابه، فهو حري بالقول بشذوذه، على تعريف الحاكم، حيث قال: الشاذ: هو ما انفرد به ثقة، وليس له أصل بمتابع لذلك الثقة، وينقدح في نفس الناقد أنه غلط، ولا يقدر على إقامة الدليل على ذلك.([112])

وهذا فيمن وصل لدرجة الثقة، كعوف بن أبي جميلة، على دخن في حاله، إلا أن يزيداً لم يصل لتلك الدرجة، بل قد اختلف فيه، فكيف يقبل منه هذا التفرد.

* إن هذا التفرد بالرواية من قبل يزيد الفارسي، بالرغم من قول أبي حاتم فيه

إنه لا بأس به، ولم يعرفه ابن معين،([113]) ومن غير أن يشاركه فيها واحد من أصحاب ابن عباس الذين اشتهروا بالأخذ عنه، بسبب ملازمتهم له ملازمة طويلة، لا يستهان بها،  يجعل المرء يتردد في قبول هذه الراوية، ويميل إلى القول بعدم قبولها؛ حيث إن الراوي إذا روى عن المشهورين ما لا يعرفه المعروفون فينبغي طرح رواياته، وعدم قبولها.

والرواية التي معنا فيها ما يفيد التدخل البشري في ترتيب سور القرآن الكريم، إذ كيف يترك الله تعالى كتابه الكريم بغير ترتيب ليد الناس.

أخرج الحاكم عن نعيم بن حماد قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: قيل لشعبة: من الذي يترك حديثه؟ قال: إذا روي عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون فأكثر ترك حديثه، فإذا اتهم بالحديث: ترك حديثه، فإذا أكثر الغلط: ترك حديثه، وإذا روى حديثاً اجتمع عليه أنه غلط ترك حديثه، وما كان غير هذا فارو عنه.([114])

والرجل ليس له في الكتب الستة بملحقاتها إلا حديثين فقط، منهما هذا الحديث، وآخر عند الترمذي في الشمائل، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ: إن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي.([115]) لذا فلا يحتمل منه هذا التفرد.

كما أن تفرد عوف بهذه الرواية عن يزيد يعطي دخناً حول قبولها، حيث انفرد بما لم يقله الثقات، وليس له متابع أيضاً لهذه الرواية، مما يرجح القول بشذوذها.

رابعا: الحكم على الحديث.

هذا الحديث ضعيف، وسبب الضعف الشذوذ.

خامسا: التعليق.

كان الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى قد قال في تعليقه على تخريجه لهذا الحديث

من المسند: فهذا يزيد الفارسي الذي انفرد برواية هذا الحديث يكاد يكون مجهولاً حتى شبه على مثل ابن مهدي وأحمد والبخاري أن يكون هو ابن هرمز أو غيره، ويذكره البخاري في الضعفاء فلا يقبل منه مثل هذا الحديث ينفرد به، وفيه تشكيك في معرفة سور القرآن الثابتة بالتواتر القطعي قراءة وسماعا وكتابة في المصاحف، وفيه تشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور، كأن عثمان كان يثبتها برأيه وينفيها برأيه، وحاشاه من ذلك، فلا علينا إذا قلنا: إنه حديث لا أصل له، تطبيقاً للقواعد الصحيحة التي لا خلاف فيها بين أئمة الحديث.

قال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة عند كلامه على أمارات الحديث الموضوع: ومنها ما يؤخذ من حال المروي، كأن يكون مناقضاً لنص القرآن، أو السنة المتواترة، أو الإجماع القطعي.([116])

وقال الخطيب في الكفاية: ولا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل، وحكم القرآن الثابت المحكم، والسنة المعلومة، والفعل الجاري مجرى السنة، وكل دليل مقطوع به.([117])

وكثيراً ما يضعف أئمة الحديث راوياً لانفراده برواية حديث منكر يخالف المعلوم من الدين بالضرورة، أو يخالف المشهور من الروايات، فأولى أن نضعف يزيد الفارسي هذا بروايته هذا الحديث منفردا به، إلى أن البخاري ذكره في (الضعفاء) وينقل عن يحيى القطان أنه كان يكون مع الأمراء.

قال: ثم بعد كتابة ما تقدم، وجدتُ الحافظ ابن كثير نقل هذا الحديث في التفسير،([118]) وفي كتاب فضائل القرآن المطبوع في آخر التفسير.([119])

قال: ووجدت أستاذنا العلامة السيد محمد رشيد رضا رحمه الله علق عليه في الموضعين،([120]) فقال في الموضع الأول بعد الكلام على يزيد الفارسي: فلا يصح أن يكون ما انفرد به معتبراً في ترتيب القرآن الذي يطلب فيه التواتر. وقال في الموضع الثاني: فمثل هذا الرجل لا يصح أن تكون روايته التي انفرد بها مما يؤخذ به في ترتيب القرآن المتواتر. والحمد لله على التوفيق.([121])

مناقشة أثر يزيد الفارسي في جمع عثمان رضي الله عنه من حيث الدراية في علوم القرآن والتفسير.

لو تأملنا أثر يزيد الفارسي السابق مع الاقتباسات المتعلقة به لاستخلصنا الملاحظات الآتية:

  1. عدم معرفة عثمان ـ رضي الله عنه ـ بكون الأنفال والتوبة سورتين أم سورة واحدة، فاجتهد بالدمج والترتيب.
  2. تصرف عثمان ـ رضي الله عنه ـ بالبسملة كتابة وحذفا.

ولا بد من مناقشة هذه الملاحظات لمعرفة مصداقيتها، وإمكان حدوثها:

أولا: عدم معرفة عثمان ـ رضي الله عنه ـ بكون الأنفال والتوبة سورتين أم سورة واحدة، فاجتهد بالدمج والترتيب.

ما سبق من أثر يزيد الفارسي بأن عثمان ـ رضي الله عنه ـ لم يكن يعلم أن الأنفال والتوبة سورتان أم سورة واحدة كان أمرا غير مسَلّم به للأسباب الآتية:

  1. مكانة عثمان ـ رضي الله عنه ـ العالية في علم القرآن الكريم وجمعه، إذ لم يكن عثمان ـ رضي الله عنه ـ من المغمورين من صحابة رسول الله ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ وإنما كان من علمائهم، بل كان من كبار العلماء في القرآن الكريم الذين جمعوه في حياة الرسولـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومن كتبة الوحي، فقد ذكره الذهبي في أول القراء المشهورين أولي السند فقال: فهذا كتاب فيه معرفة المشهورين من القراء الأعيان، أولي الإسناد والإتقان...

باب الطبقة الأولى: الذين عرضوا على رسول اللهـ صلى الله عليه وسلم ـ  رضي الله عنهم.

    1- عثمان بن عفان ... ذو النورين رضي الله عنه. أحد السابقين الأولين، وأحد من جمع القرآن على عهد رسول اللهـ صلى الله عليه وسلم ـ ([122]).

٢- كون الأنفال والتوبة سورة واحدة أم سورتين، مسألة كان ينبغي طرحها في جمع أبي بكر، وليس في جمع عثمان ـ رضي الله عنهما ـ فهو الجمع الأول، وكان على مرأى ومسمع من عثمان ـ رضي الله عنه ـ وكان الأجدر به أن يطرح هذه المسألة هناك، فلما لم يفعل، ولم يفعلها آخرون!! دلّ على أن المسألة لا وجود لها من أساسها، ولا تصح نسبة هذه الرواية لعثمان رضي الله عنه.

٣- من الحديث يتضح أن عثمان يعلم أن الأنفال والتوبة سورتان، فهو يتحدث عنهما بالاسم، فما الذي ينبغي أن يعلمه عثمان أكثر من هذا؟ ولماذا تنشأ الشكوك سنة 25هـ بعد الاستقرار على أنهما سورتان؟ كان المتوقع من عثمان الالتزام بما علم، ولا مبرر للشك بعد اليقين.

٤- الشبَه المثار بين الأنفال والتوبة يَحتمل عقلا أن تكون التوبة أولا بدلا من الأنفال، قال المبارك فوري(ت1353هـ): (وكانت قصتها) أَيِ الأنفال (شَبِيهَة بقصتِها) أي براءة، ويجوز العكس([123]). وفي هذه الحال سيضطر عثمان حسب أثر يزيد الفارسي إلى وضع البسملة في بداية التوبة! وحذفها من الأنفال! وهذا لم يقُل به أحد.

٥- إطلاق يد البشر في ترتيب أو دمج السور القرآنية، لن يقف عند حدود الأنفال والتوبة، إذ لو أجزنا هذا للبشر لما استطعنا تخصيصه بسورة أو سورتين، ويمكن أن يطال المصحف حاملا.

٦- حسب أثر يزيد الفارسي أثار عثمان ـ رضي الله عنه ـ الخلاف في مسألة الأنفال والتوبة في خلافته، أثناء جمعه للقرآن الكريم، وكان ذلك في أواخر سنة 24هـ، واستمر في بداية سنة 25هـ([124] يعني بعد جمع أبي بكر بنحو 13سنة، ولم يكن أحد أثار هذه المسألة في زمن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا في زمن أبي بكر، ولا زمن عثمان إلى ساعة جمع القرآن الكريم! ولا يعقل أن الأمة لم تتنبه لهذا كل هذه الفترة، في مسألة تتعلق بالقرآن الكريم!

٧- الأمة مجتمعة من زمن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  إلى زمن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وإلى يومنا هذا، على أن الأنفال غير التوبة، وهي سورة منفصلة، ولا يُعكر على كل هذا الكلام إلا أثر يزيد الفارسي! فهل يعقل هذا!

٨- لا يمكن أن يكون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  توفي ولم يُبين حال السّورتين! مع أن الرسول عارض القرآن مع جبريل ـ عليه السلام ـ مرتين في رمضان، بعد نزول الأنفال والتوبة([125]). وفي كل مرة يدعو كتبة الوحي لكتابة الشكل الأخير للقرآن الكريم. ولا شك أن معارضة جبريل للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  لم تكن لأجل الرسول خاصة، وإنما لتبليغ الأمة التي ستقرأ هذا القرآن، وهو حجة عليها وعلى العالمين إلى قيام الساعة. ولا شك في ادعاء وفاته دون أن يبلغ حال السورتين، وتصرف البشر بكتاب الله سبحانه مدعاة لإثارة شكوك متنوعة، قد لا تقف عند حدّ هاتين السوريتين!

 ٩- كان زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ رئيس لجنة الجمع زمن عثمان، وهو نفسه رئيس لجنة جمع أبي بكر، ولا بد أن جمع أبي بكر كان كاملا ومحدد السور، ومن المؤكد جُمعت الأنفال والتوبة مع باقي سور القرآن الكريم، وإثارة هذا الكلام في جمع عثمان يثير الشك حول إتقان جمع أبي بكر! أو حول زيد! إذ كيف يسكت طوال هذه السنين ولم يبين لا لأبي بكر، ولا لعثمان، حتى أثار عثمان هذا الأمر سنة 25هـ؟

١٠-لم نجد في السنة النبوية، ولا في السيرة النبوية، ولا في تاريخ الخلفاء، أو التاريخ الإسلامي اسما يجمع السورتين معا! كما لم نجد في كل ما سبق شيئا يثبت حذف اسم إحدى السورتين، تمهيدا لجمعهما!

مع العلم بأن أسماء السور وإن كان فيها اجتهادي إلا أن الأسماء المعتمدة في المصحف كلها توقيفية، قال السيوطي: ثبت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار، ولولا خشية الإطالة لبينت ذلك([126]).

١١- حتى يثبت دمج السورتين لا بد أن يتلو مجموع السورتين كسورة واحدة الرسولـ صلى الله عليه وسلم ـ ، إلا أن أحدا لم ينقل لنا هذه التلاوة، بل لم يُنقل لنا عبر التاريخ الإسلامي كاملا أن أحدا فعل ذلك! سواء أكان من الصحابة أو من غيرهم.

١٢- الجمع كان علنيا على مستوى الجمهور، ولا يمكن إثارة مسألة تخص القرآن وسط هذا الجمهور من غير أن يُنقل لنا شيء صحيح غير أثر يزيد الفارسي الشيعي الذي قيل فيه ما قيل مما سبق! وكثيرون في فرقته يؤمنون بأن يد الصحابة قد عبثت بالقرآن الكريم، وغيرت فيه، وبدلت وحرفت.

١٣- يُشهد للصحابة كثرة ختمهم للقرآن الكريم في أيام، وبعضهم في أسابيع، ومن غير المعقول أنهم لم يصطدموا بالمسألة المثارة حول الأنفال والتوبة ليحلها لهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أو أبو بكر وعمر من بعده.

١٤- أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ لا يخفى عليه كون براءة سورة منفصلة بنفسها، فلهذه السورة وضع خاص بالنسبة له، فهو مع علي وأبي هريرة من بلغوا مطلع هذه السورة للمشركين في مكة، وقد بلغوها وهم يعلمون أنها سورة (براءة)، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمره رسول اللهـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قبل حجة الوداع، في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر: أن لا يحج بعد العام

مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.

وفي رواية: ثم أردف النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ  بعلي بن أبي طالب، فأمرهُ أن يُؤذِّن بـ (براءة)، فقال أبو هريرة: فأذَّن معنا في أهل مِنى بـ (براءة): أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ([127]).

١٥- هناك آثار كثيرة يتضح من خلالها أن الأنفال والتوبة سورتان منفصلتان ومنها:

قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث ظن عثمان رضي الله عنه أنهما سورة واحدة وتحقيق ابن عباس أنهما سورتان... وتباينهما في الوقتين اللذين كان نزولهما فيهما يدل أنهما سورتان لا سورة واحدة، وذلك أن الأنفال نزلت في بدر... ففي ذلك تحقيق البراء أن براءة سورة كاملة بائنة من الأنفال، وهذا مما يعلم أنه رضي الله عنه لم يقل ذلك رأيا إذ كان مثله لا يقال بالرأي, وإنه إنما قاله توقيفا ; لأن مثله لا يؤخذ إلا بالتوقيف ([128])

عن زيد بن ثابت وهو يتحدث عن جمع أبي بكر: قال: فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف، وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم﴾ خاتمة براءة([129]). ففي هذه الرواية زيد يتحدث عن سورة براءة بشكل منفصل، ولم يشر لأي شيء يتعلق بالأنفال! وأنه كتبها مستقلة.

ويذكر لنا أبو عبد الرحمن السلمي أن زيدا شهد العرضة الأخيرة، وكان يقرئ الناس عليها حتى مات، وعليها جمع القرآن، فقال: قرأ زيد بن ثابت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  في العام الذي توفاه الله فيه مرتين، وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت، لأنه كتبها لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وقرأها عليه، وشهد العرضة الأخيرة، وكان يقرئ الناس بها حتى مات، ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه، وولاه عثمان كتبة المصاحف رضي الله عنهم أجمعين([130]).

ثانيا: تصرف عثمان ـ رضي الله عنه ـ بالبسملة إثباتا وحذفا

لا يتوقع لعثمان ـ رضي الله عنه ـ أن يتصرف بالبسملة كتابة وحذفا من رأيه؛ لأنها ـ على الراجح ـ من القرآن الكريم،([131]) وبالتالي هي توقيفية، ولا مجال فيها للاجتهاد.

يذكر العلماء أسبابا متعددة لعدم ذكر البسملة في أول سورة براءة، غير السبب المذكور في أثر يزيد الفارسي ، قال الطحاوي:

  1. لم تكتب بين الأنفال والتوبة: لأن (بسم الله الرحمن الرحيم) رحمة، وسورة براءة ليس من هذا المعنى. ثم رد الطحاوي هذا السبب قائلا:

وهذا مذهب من يتكلم في هذه المعاني على غي جهة الآثار، ففي كتاب الله سورتان من سور العذاب قد كتب في كل واحدة بسملة: سورة الهُمَزة، وَتَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ.

  1. إنما ترك اكتتاب البسملة في (التوبة) لأنها خطاب للمشركين.

لكنه رد هذا قائلا: في كتاب الله عز وجل كتاب سليمان إلى صاحبة سبأ فيه: وأنه (بسم الله الرحمن الرحيم)، وهي وهم مشركون.

  1. إن البسملة لم تكتب؛ لأنها لم ينزل بها جبريل([132]).

والرأي الثالث هو الراجح بلا شك، ولذلك لم يخْل منها جمع أبي بكر ولا جمع عثمان، قال سليم الرازي: الدليل على أن البسملة من القرآن، هو أن الصحابة رضي الله عنهم أثبتوا (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) في المصحف بخط سائر القرآن، مع قصدهم صيانة القرآن عن الاختلاط بغيره، وتوقّيهم أن يثبتوا في المصحف ما ليس منه، فلولا أنه قرآن منزل ما فعلوا ذلك([133]).

وقال البيهقي: أحسن ما احتج به أصحابنا في أن البسملة من القرآن، وأنها من فواتح السور سوى سورة براءة، ما روينا في جمع الصحابة كتاب الله عز وجل في المصاحف، وأنهم كتبوا فيها البسملة على رأس كل سورة سوى سورة براءة([134]).

وقَالَ القشيري: إن الصحيح أن التسمية لم تكن فيها؛ لأن جبريل ـ عليه السلام ـ لم ينزل بها فيها ([135]).

وقال النويري: وأول كل سورة البسملة بقلم الوحى، إلا أول سورة براءة، فجعلوا مكانها بياضا([136]). وكونهم جعلوا مكانها بياضا لكونها لم تنزل، ولم تُحفظ؛ ولأنه لا اجتهاد في ذلك.

وها هو عثمان يقول بأنه لا يُمكنه التصرف بأي آية في كتاب الله، فعن ابن الزبير - رضي الله عنهما - قال: قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة: ﴿والَّذِينَ يُتَوفَّوْنَ مِنْكُمْ ويذَرُونَ أَزواجاً - إلى قوله - غير إخراجٍ﴾ قد نسختْها الآيةُ الأخرى، فلِمَ تكْتُبُها؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئاً منه من مكانهِ([137]). وهذه الرواية في البخاري وهي مقدمة على أثر يزيد الفارسي، وفيها أن عثمان لا يجتهد أبدا في القرآن الكريم.

المطلب الثالث: ترتيب السور في القرآن توقيفي

يرى كثير من العلماء بأن ترتيب سور القرآن الكريم كان كترتيب الآيات توقيفياً، وقد استدلوا لرأيهم هذا بكثير من الأدلة، وهذه أبرز أقوالهم:

قال الزركشي: قال بعض مشايخنا المحققين: قد وهم من قال: لا يطلب للآي الكريمة مناسبة لأنها على حسب الوقائع المتفرقة وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلا وعلى حسب الحكمة ترتيبا، فالمصحف كالصحف الكريمة على وفق ما في الكتاب المكنون مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف ... قلت: وهو مبني على أن ترتيب السور توقيفي وهذا الراجح([138]).

وترجيح الزركشي له قيمته لمكانته من هذا العلم، وذكره لتفاصيل هذه الآراء، ودراسته لأدلتها قبل ترجيحه.

ويقول النويري: وإنما أمرهم بالنسخ من الصحف؛ ليستند مصحفه إلى أصل أبى بكر المستند إلى أصل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وعيّن زيداً لاعتماد أبى بكر وعمر عليه، وضم إليه جماعة مساعدة له، ولينضم العدد إلى العدالة، وكانوا هؤلاء؛ لاشتهار ضبطهم ومعرفتهم. وكتبوه مائة وأربعة عشر سورة، أولها «الحمد» وآخرها «الناس» على هذا الترتيب([139]).

يتضح من كلام النويري أنه يرى بأن نسخ أبي بكر كان كاملاً مرتب الآيات والسور أيضاً، وأنه استند إلى المكتوب، والمحفوظ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، لا فرق بين الآيات والسور في التوقيف.

وقال البغوي: إن الصحابة رضي الله عنهم، جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، من غير أن زادوا فيه، أو نقصوا منه شيئا... فكتبوه كما سمعوا من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، من غير أن قدموا شيئا أو أخروا... فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد، لا في ترتيبه، فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على الترتيب الذي هو في مصاحفنا، أنزله الله تعالى جملة واحدة في شهر رمضان، ليلة القدر إلى السماء الدنيا، كما قال تعالى: ﴿شَهْرُ

رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ﴾([140])، وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ ([141]).

كلام البغوي في غاية الدقة، فهو يرى أن القرآن الذي في أيدينا ما زال كما كان في اللوح المحفوظ، فكان مرتبا، ونزل مرتباً إلى السماء الدنيا بكامل آياته وسوره، وأنه وإن نزل منجما بعد ذلك على رسول اللهـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقد جُمع بالوحي كما كان في اللوح المحفوظ، وكتبه الصحابة على هذا الجمع الذي تعلموه من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

ويقول علي القاري: مع أن الأصح أن ترتيب السور توقيفي أيضا، وإن كانت مصاحفهم مختلفة في ذلك قبل العرضة الأخيرة... ومما يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رتبت ولاء، وكذلك الطواسين، ولم يرتب المسبحات ولاء، بل فصل بين سورها، وكذا اختلاط المكيات بالمدنيات ([142]).

وفي قول ودليل علي القاري، يتضح أن الترتيب وإن لم يرد فيه نص نظري لكنه كان أوكد من خلال التأمل في التطبيق العملي، الذي يوحي بما لا يدع مجالا للشك بأن الترتيب كان توقيفيا.

ولما سبق لم يتردد العلماء في ترجيح هذا الرأي القائل بالتوقيف، فقد قال أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنا الساعاتي: والصحيح أن ترتيب السور والآيات أمر توقيفي لا مجال للرأي فيه([143]).

وقد رجح المعاصرون هذا الرأي، وعلى سبيل المثال:

جاء في التفسير الوسيط: ترتيب السور على ما جاء في المصحف الشريف بأمر الله عز وجل([144]).

قال سيد طنطاوي: والذي تميل إليه النفس أن ترتيب السور توقيفي، وأن كل سورة لها موضوعاتها التي نراها بارزة بصورة تميزها عن غيرها([145]).

قال الزحيلي: ولا خلاف بين العلماء في أن ترتيب آيات السور توقيفي منقول ثابت عن النّبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، كما أن ترتيب السور أيضا توقيفي على الراجح([146]).

وقال ابن باديس: وترتيب السور توقيفي، ليس من صنيع جامعي المصحف كما ذكره السيوطي في الإتقان وجماعة([147]).

ومن خلال سرد ما سبق من أقوال العلماء القائلين بتوقيف تريب سور القرآن الكريم، يرى الباحث أن هذا الرأي هو الأقوى والأسلم، وبالتالي هو الراجح لما يأتي:

المبحث الثالث: الترجيح

ظهر من خلال البحث أن المذهب القائل بالتوقيف في ترتيب سور القرآن الكريم، وأن المصحف الكريم على ترتيبه اليوم يُعدّ توقيفيا علي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، تعلمّه من جبريل عن رب العزة سبحانه وتعالى، وهو الذي رجح من خلال البحث للأسباب الآتية:

* بالنسبة للمذهب الأول القائل باجتهاد الصحابة المطلق في ترتيب سور القرآن الكريم، تبين ضعفه من ثلاثة جوانب:

١- لم يكن الإطلاق مقصدا للقائلين به، وإنما قصدوا الاجتهاد في بعض السور.

٢- لم يستطع أصحاب هذا المذهب ضرب مثال على اجتهاد الصحابة فيما

سوى سورتي الأنفال والتوبة، وكان حجتهم حديث يزيد الفارسي الشيعي المردود سندا ومتنا.

٣- تبين أن نسبة هذا القول للجمهور لم تكن دقيقة.

* وبالنسبة للمذهب الثاني القائل إن ترتيب بعض السور اجتهادي فكان فيه ضعف كذلك، فقد تبين أن دليلهم وهو حديث يزيد الفارسي الشيعي القائل بأن عثمان ـ رضي الله عنه ـ اجتهد في ترتيب الأنفال والتوبة، مردود وشاذ، ولا يصح سندا ولا متنا!

وأضيف من الأدلة على ترجيح التوقيف في ترتيب سور القرآن الكريم ما يأتي:

المطلب الأول: ترتيب السور في جمع عثمان مُستمدّ من جمع أبي بكر

باستقراء النصوص الواردة في جمع أبي بكر وعثمان ـ رضي الله عنهما ـ وتحليلها تبين أن ترتيب السور في جمع عثمان كان مستمدا من جمع أبي بكر دون زيادة أو نقصان، أو تبديل أو تغيير! وهذا لسببين رئيسين:

  1. القرآن الكريم كُتب كاملا زمن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا بد أنه كتب عن علم بكل سورة على حدة.
  2. الصحابة جمعوا القرآن حفظا، والكتابة تابعة للحفظ؛ لأن القرآن الكريم نزل تلقينا للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وليس مدونا في صحف، وإنما تم تدوينه عن حفظ الرسولـ صلى الله عليه وسلم ـ  أولا، ثم عن حفظ الصحابة مشافهة عن الرسولـ صلى الله عليه وسلم ـ  بعد ذلك، مع مقارنته بما كُتب بين يدي الرسولـ صلى الله عليه وسلم ـ .

فعن أنس بن مالك الكعبي،([148]) قال: اختلفوا في القرآن على عهد عثمان ... إذا تدارؤوا في آية قالوا: هذه أقرأها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  فلانا، فيرسل إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة، فيقال: كيف أقرأك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  كذا وكذا؟، فيقول:

كذا وكذا، فيكتبونها، وقد تركوا لها مكانا([149]).

واضح في هذا الأثر أن القراءة كانت هي أساس الكتابة، وخاصة في قوله:

(وقد تركوا لها مكانا)؛ لأنها معلومة حفظا، فترك المكان فارغا بناء على الحفظ حتى يأتي من المكتوب ما يوافق الحفظ فتدون، وهذا المعنى مؤكد بروايات كثيرة، ومنها سؤال عثمان عند جمعه:

أي الناس أفصح، وأي الناس أقرأ؟ قالوا: أفصح الناس سعيد بن العاص، وأقرأهم زيد بن ثابت، فقال: ليكتب أحدهما، ويمل الآخر. ففعلا، وجمعَ الناس على مصحف([150]).

والذي وصل له البحث هو أن جمع المصحف ليس لإنشاء نسخة جديدة أكمل مما كان عليه القرآن الكريم زمن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ! وإنما لإنشاء نسخة رسمية عن طريق عمل لجنة رسمية من أكابر الصحابة في هذا الفن، فيها العدد مع العدالة لتكون حجة على العالمين، ولحسم أي خلاف قد يحصل حول القرآن الكريم بما أجمعوا عليه علنا.

ففي شرح طيبة النشر: وإنما أمرهم بالنسخ من الصحف ليستند مصحفه إلى أصل أبى بكر المستند إلى أصل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وعيّن زيدا لاعتماد أبى بكر وعمر عليه، وضم إليه جماعة مساعدة له، ولينضم العدد إلى العدالة، وكانوا هؤلاء؛ لاشتهار ضبطهم ومعرفتهم. وكتبوه، مائة وأربعة عشر سورة أولها «الحمد» وآخرها «الناس» على هذا الترتيب([151]).

ولذلك بين المحاسبي أن الجمع كان من فعل أبي بكر، وأن عثمان اختار حرفا منه فقال: والمشهور عند الناس أن جامع القرآن عثمان رضي الله عنه وليس كذلك؛ إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار، لما خشي الفتنة... فأما السابق إلى جمع الجملة فهو الصديق([152]).

ويتفق هذا المعنى مع ما رواه البخاري: فعن أنس بن مالك أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردّها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرّهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنّه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق([153]).

ففي هذه الرواية الصحيحة يتضح بجلاء أن عمل عثمان كان في نسخ حرف واحد من مصحف أبي بكر، وأنه بعد النسخ منها لم يزد عليها أو يغير فيها شيئا، ولا ذِكْر فيها لأي خلاف في ترتيب سور القرآن الكريم.

فهذه الرواية الصحيحة أَولى بالاعتماد من أثر يزيد الفارسي؛ لأنها تليق بعثمان وعلمه وحرصه على كتاب الله، وتليق أولاً وأخيراً بكتاب الله تعالى، حيث تعهد سبحانه بحفظه، وهو كتابه سبحانه لا دخل للبشر فيه، وكل ما فعلوه هو جمعه، وكتابته، بتوقيف من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

وهذا القول في الحقيقة قال به العديد من العلماء ورجحه المحققون غير من

ذُكر، ولا نطيل بذكر النقول عنهم([154]).

وفي شرح مشكل الآثار ما يوضح هذه الرواية أكثر: قال زيد: فأمرني عثمان أن أكتب له مصحفا... وأرسل عثمان إلى حفصة أن تعطيه الصحيفة، وحلف لها ليردنها إليها، فأعطته، فعرضت المصحف عليها فلم يختلفا في شيء، فردها عليها وطابت نفسه، وأمر الناس أن يكتبوا المصاحف([155]).

إذا نسخة أبي بكر كانت أساس النسخ، ونسخة عثمان مطابقة تماما، فلم يظهر أي خلاف في ترتيب السور كما قيل!

المطلب الثاني: ترتيب السور من جوانب الإعجاز الإلهي

لا تنقضي عجائب القرآن، ولا يزال العلماء يضعون أيديهم على جوانب من إعجازه لم تكن معلومة من قبل، ومن هذه الجوانب التي جدّت بعد السلف الصالح المناسبات بين سور القرآن الكريم، فظهر لهذا الترتيب من البلاغة والبيان، وشدة العلاقة، وترابطها مما يوحي بجلاء بأن هذا القرآن كأنه كلمة واحدة، لا يمكن تغير حرف مكان حرف.

ونلتمس عذرا للصحابة في عدم الخوض في هذا الفن، نظرا لتأخر اكتمال نزول القرآن وترتيب سوره، حيث ما كان لأحد أن يجزم باكتمال القرآن الكريم على شكله النهائي إلا بعد العرضة الأخيرة. فحال هذا دون التعمق في أسرار الترتيب بين سور القرآن الكريم.

وأما من بعدهم فكذلك لم يبادروا إلى هذا العلم، وإنما بدأ يظهر متراخيا مع التأمل والتعمق في تفسير القرآن الكريم.

قال الشيخ أبو الحسن الشهراباني أول من أظهر ببغداد علم المناسبة، ولم نكن سمعناه من غيره هو الشيخ الإمام أبو بكر النيسابوري([156])، وكان غزير العلم في الشريعة والأدب، وكان يقول على الكرسي إذا قرئ عليه الآية: لم جُعلت هذه الآية إلى جنب هذه؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة؟ وكان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بالمناسبة([157]).

وإذا كان النيسابوري توفي سنة 324هـ، هو أول من تكلم في المناسبات، فهذا يُعلل تجرؤ بعض العلماء على القول بتصرف البشر في ترتيب بعض سور القرآن الكريم، نظرا لعدم وضوح جانب الإعجاز الإلهي في ذلك عند الكثير ممن قال بهذا القول.

بل إن الرازي بعد أن تحدث عن إعجاز الترتيب يشكو من قلة المتأملين في هذا الجانب من جوانب الإعجاز فيقول: إن القرآن كما أنه معجز بحسب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه، فهو أيضا معجز بحسب ترتيبه ونظم آياته، ولعل الذين قالوا: إنه معجز بحسب أسلوبه أرادوا ذلك، إلا أني رأيت جمهور المفسرين معرضين عن هذه اللطائف، غير متنبهين لهذه الأمور([158]).

وبمثل هذا القول قال الزركشي كذلك. وزاد الزركشي في أنه استدل بمناسبات ترتيب السور، وما يظهر فيها من إعجاز على أن ذلك لا يكون إلا من إله حكيم، وهذا يكفي في الحكم على أن الترتيب توقيفي([159]).

وذهب المبارك فوري إلى أكثر من ذلك فجعل الترتيب متواترا فقال  في رده لأثر  يزيد الفارسي الشاذ: الحديث ليس مما يصلح أن يؤخذ به في ترتيب القرآن الذي يُطلب فيه التواتر([160]). وبمثل هذا الرد ردّ رشيد رضا: فمثل هذا الرجل لا يصح أن تكون روايته التي انفرد بها مما يؤخذ به في ترتيب القرآن المتواتر([161]).

المطلب الثالث: الترتيب التوقيفي للسور متناسب مع ظاهر القرآن

لو تأملنا القرآن الكريم لرأيناه حاسما في إلهية كل ما فيه، متعاليا عن نقص البشر، كما يظهر بأنه سبحانه قد خصّ كتابه القرآن الكريم من بين كتبه المنزلة على رسله بأن تولى أمره بنفسه. ويمكن أن نلحظ هذه المعاني في الآيات الآتية:

  1. ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾([162]).

فنرى أن الله سبحانه وصف قرآنه بأنه (كتاب)، وبلا شك أن تعريف (الكتاب) غير تعريف تجمُّع من الأوراق لا ترتيب لها! فالكتاب من مقتضياته ترتيب أبوابه وفصوله ومقاطعه، وهذا الترتيب صفة كمال تليق بكتاب الله سبحانه، وعدم الترتيب صفة نقص ننزه عنها كتاب الله.

وباقي الآية: (لا ريب فيه) يؤكد هذا الاستدلال، إذ لو كان للبشر أي تصرف بهذا القرآن لكان مدخلا، ومدعاة للريب، ونقصان العصمة، وقد قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾([163]). ففي هذه الآية لم يحدد سبحانه نوع الاختلاف، وإنما تكلم عن كتابه بصيغة العموم، وهذا يشتمل ترتيب السور، فلو كان فيها جهد بشري لوجدوا في كتاب الله من حيث الترتيب اختلافا ننزه القرآن عنه.

  1. ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا﴾([164]).

وهذه كسابقتها، وصف القرآن الكريم بأنه كتاب، وزاد في وصفه: (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا)، وكلمة: (عوجا) نكرة في سياق النفي، فتعم كل عوج صغُر أم كبر، ولا شك في أن تولي البشر بضعفهم ترتيب كتاب الله نوع من العِوج الذي ننزه القرآن عنه.

  1. الدقة المتناهية قد أخبرنا الله عنها في صنعه وخلقه فقال: ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ([165]). وقال: ﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾([166]). وقال: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾([167]).

فإذا كان الله قد أتقن وأثنا على نفسه بدقة تقديره في خلقه، فهل يُعقل أن يُتقن خلقه، ويترك كلامه للبشر ليتقنوا ويقدروا بعقولهم البشرية ترتيبه؟ بل نصفه سبحانه بما يليق به، فقد أتقن خلقه وأتقن كتابه بكل ما فيه من آيات وسور وترتيب.

  1. أخبرنا سبحانه بأن كتابه القرآن أنزل من اللوح المحفوظ فقال: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾([168]). ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾([169]). والكتاب المكنون هو كذلك اللوح المحفوظ، فبين سبحانه أن الكتاب كان مجموعا أساسا في اللوح المحفوظ، فهو نزل مفرقا بعد أن كان مجموعا، ثم جُمع كما كان في اللوح المحفوظ. والله سبحانه لم يأذن بمجرد مسّ كتابه المكنون مع عدم التدخل بما فيه لغير الملائكة، مع أن الملائكة لا يعانون مما يعاني منه البشر من الشهوانية والشر، فكيف يأذن سبحانه للبشر ويطلق يدهم في ترتيب سور كتابه، والتصرف بدمج بعضها ببعض لو أرادوا، وحذف البسملة لو شاؤوا، والتقديم والتأخير في بما تراه عقولهم؟ ولا شك أن هذا أكثر تصرفا في كتاب الله تعالى من مجرد المسّ الذي هو غاية ما أذن الله به لملائكته.

ومما لا شك فيه أن كون القرآن محفوظاً في اللوح المحفوظ ليس بكاف في إعجازه والتحدي به، ما لم يكن محفوظا بعد نزوله إلى الأرض من أي تدخل بشري.

  1. قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾([170]). والذكر اسم من أسماء القرآن الكريم، أخبرنا سبحانه أنه أنزله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزّله على رسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وتعهد بحفظه، وطالما ذكر الحفظ بعد التنزيل، فلا شك أنه سيحفظه بعد النزول، ليبقى كما كان قبل النزول في اللوح المحفوظ، ولا يُعقل أن يكون هناك أي فارق بين اللوح المحفوظ وبين النازل منه.

كما أن ألفاظ العظمة في: (إنا، نحن، نزلنا، وإنا، حافظون) لا بد أن نعطيها ما يليق بها من المعاني التامة الكاملة، فلا تستقيم بلاغتها ما لم نعطها أقصى درجات الحفظ والصون لكتاب الله تعالى، ومثل هذا لا ينطبق لو كان للبشر دور في كتابه ترتيبا ودمجا وتقديما وتأخيرا، وحذفا للبسملة.

ومِيْزة تولي الله سبحانه بنفسه لحفظ كتابه القرآن، لم يجعلها سبحانه لغيره مما أنزل من كتب، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾([171]). فبين سبحانه أنه طلب من علماء اليهود حفظ كتابه فضيعوه، ولم يكن هذا مخالفا لحكمة الله سبحانه؛ لكون الشرائع السابقة مؤقتة، ولما كان القرآن حجة الله إلى قيام الساعة، تولى سبحانه حفظه بنفسه، لتبقى حجة الله تعالى قائمة على خلقه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

  1. قال تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾([172]).

تعهد سبحانه وتعالى في هذه الآيات الكريمة بلفظ التعظيم (علينا) أن يجمع كتابه القرآن، ومن المؤكد أن يجمعه أولا في قلب رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، إلا أن المعنى يتجاوز ذلك حتما، حتى يشتمل على جمعه مكتوبا مقروءا في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويُضم إلى ذلك جمع أبي بكر وعثمان اللذين أجمعت الأمة عليهما. إذ لا يعقل أن يقصد بالجمع ما هو دون ذلك بحال؛ لأن القرآن الكريم حجة على العالمين إلى قيام الساعة، فإن حُفِظ للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  فقط فكيف تقوم الحجة على خلقه الباقين؟ وطالما أن الحجة الآن تقوم على الناس بجمع أبي بكر وعثمان فلا شك أن هذا كان بإلهام الله سبحانه، ومن ترتيبه سبحانه، ليحفظ كتابه كما وعد، وإذا كان الأمر كذلك فلا دخل للبشر باجتهاد في كتاب الله، فالله هو الجامع لكتابه، وما عملُ الصحابة إلا تنفيذ لأمر الله الذي لا بدّ أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  أطلعهم عليه قوليا أو فعليا، بحيث فهموا دون أدنى شك أن هذا الترتيب مراد لله سبحانه، لا تجوز مخالفته بأي شكل. وأنه لا خيار لهم في اتباعه والتقيد به. ولو فرضنا أن الرسول تعلم القرآن كاملا من جبريل، حيث عرضه عليه مرتين قبل وفاته في رمضان، ثم أخفى عن صحابته ترتيبه، لكان هذا خللا في التبليغ نبرّئ منه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وإنما هو خلل؛ لأن الهدف من معارضة جبريل لرسول الله في القرآن الكريم هو الأمة من بعده وليس خاصا فيه.

قال الباقلاني في الآيتين السابقتين: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ وقولُه: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ ، وقد ثبت بإجماع الأمّة منا ومنهم أن الله تعالى لم يُرِدْ بهاتين الآيتين أنه تعالى يحفظُ القرآنَ على نفسه ولنفسه، وأنّه يجمَعُه لنفسه وأهل سماواته دون أهل أرضه، وأنّه إنّما عنى بذلك أنّه يحفظُه على المكلفينَ للعمل بموجبه، والمصير إلى مقتضاه ومتضمِّنه، وأنّه يجمعُهُ لهم فيكونُ محفوظاً عندهم، ومجموعاً لهم دونه، ومحروساً من وجوه الخطأ والغلط والتخليط والإلباس([173]).

المطلب الرابع: أدلة عقلية توجب ترجيح الترتيب التوقيفي للسور

إن المتأمل بعقله في الخلاف بين العلماء في ترتيب سور القرآن الكريم، لن يخطئ بذكائه في ترجيح القول بتوقيف ترتيب السور في المصحف الكريم، ومن هذه التأملات:

١- لقد أرسل الله سبحانه رسوله جبريل ليُعلّم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  بدرس تطبيقي كيفية الصلاة، والرسول علمنا بدوره بدرس تطبيقي كذلك. وها نحن نعلم الأطفال الصلاة بكل سهولة، ولكن في المقابل كيف يجوز أن لا يعلمنا الله سبحانه ترتيب مائة وأربع عشرة سورة تعجز عن ترتيبها عبقريات البشر، نزلت متضمنة لآلاف الآيات في ثلاث وعشرين سنة؟ وخاصة بعد أن وجدنا في ترتيبها من الحِكم ما يعجز عنه البشر.

٢- دار حوار بين سلمان الفارسي رضي الله عنه والمشركين: فقيل له: قد علّمكم نبيُكم ـ صلى الله عليه وسلم ـ  كل شيء حتى الخِراءة؟ قال: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم([174]). والملفت للنظر أنه من غير المعقول أن يعلمنا الله (الخِراءة)، ولا يعلمنا ترتيب السور في كتابه الذي أنزله حجة على العالمين.

٣- من المعلوم أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  نهى صحابته عن كتابة الحديث مع أنه وحي، ليتفرغوا لكتابة القرآن الكريم وحفظه بكل دقة، فقال من حديث أبي سعيد الخدري: لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه([175]). ومثل هذا الاهتمام لا يتناسب

مع  ترك سور القرآن الكريم بغير ترتيب.

٤- ليس من المستساغ أن يرتب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  مائة واثنتي عشرة سورة بأمر الوحي، ثم يترك سورتين (الأنفال والتوبة) لاجتهاد الصحابة بلا وحي.

٥- كان الرسولـ صلى الله عليه وسلم ـ  وباقي الآلاف من الصحابة يكثرون من تلاوة القرآن في الصلوات وآناء الليل والنهار، فلا يعقل أن الترتيب لم يُعلم، مع أن الأنفال نزلت مبكرة في بدر، والتوبة متأخرة في السنة التاسعة.

٦- إن أي تصرف بشري في القرآن الكريم سيكون على حساب دقة القرآن الكريم وإعجازه مهما كان.

٧- لو تساءلنا: ما الحكمة من ترك الله سبحانه ترتيب سور كتابه للبشر؟ بماذا نجيب؟

إن أجبنا أن في ترتيبهم حكمة كَمّلت كتاب الله، لأثبتنا بكلامنا النقص في كتاب الله! ولو قلنا عملهم لم يكن فيه حكمة، إذا فهو إساءة لكتاب الله!

فلم يبق إلا أن الله سبحانه هو من رتب كتابه، إذ لا يرضى فرد من البشر أن يتدخل آخر بترتيب كتابه، فكيف يرضى رب البشر بترتيب البشر لكتابه؟

٨- إن كان الترتيب للبشر فكان الأولى أن يُرتب كما أنزله الله حسب تاريخ النزول. وبالتالي لو سألنا لماذا لم يرتب حسب النزول وتم التقديم والتأخير؟ لكان الجواب: هكذا أوحى الله، وهكذا علمنا رسوله، وصدق الله ورسوله.

والحمد لله رب العالمين

 

 

نتائج البحث

  • يعتمد الغزو الفكري على نصوص من تراثنا لا تصلح للاعتبار، ليوظفها في غزوه الإسلام، وهذا ما يدعونا بإلحاح إلى إعادة التأصيل، والتحليل، والتحديث، لما اعتدناه من تراثنا.
  • التكامل بين علم الحديث وعلم التفسير، كان له الأثر الأكبر في قوة الحجة والبرهان.
  • الفصام النكد الذي حصل بين العلوم الشرعية تسبب بغموض الكثير من مسائل هذه العلوم.
  • أجمعت الأمة على ترتيب الآيات كونها متلوة طوال فترة البعثة.
  • نزول القرآن منجما على ثلاث وعشرين سنة، كان له أثر كبير في اختلاف العلماء في ترتيب سوره.
  • لا يوجد حديث يُعتد به يفيد اجتهاد البشر في ترتيب سور القرآن الكريم.
  • كان لكتبة الوحي، وللجامعين للقرآن الكريم زمن البعثة، أثر كبير في ترتيب سور القرآن على نحو ما تعلموا من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
  • النصوص من الكتاب والسنة متعاضدة على عصمة كتاب الله من أي تدخل بشري في نصه أو ترتيبه.
  • القرآن الكريم بعد الجمع الأول والثاني، رجع إلى حاله التي كان عليها في اللوح المحفوظ، وفي السماء الدنيا.
  • تكاتفت الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال العلماء والعقل على ترجيح الترتيب التوقيفي لسور القرآن الكريم.

تم البحث

والله ولي التوفيق، وهو من وراء القصد

 

 

 

فهرس المصادر والمراجع

]القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم

  • إبراز المعاني من حرز الأماني ـ أبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة ـ دار الكتب العلمية
  • الإتقان في علوم القرآن ـ عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي ـ المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم ـ المصرية العامة للكتاب ـ الطبعة: 1394هـ/ 1974م
  • الأحاديث المختارة أو المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ـ ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي ـ تحقيق: معالي الأستاذ الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش ـ دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان ـ الطبعة: 3، 1420 هـ - 2000 م
  • أحوال الرجال ـ إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي الجوزجاني، أبو إسحاق ـ المحقق: عبد العليم عبد العظيم البَستوي ـ دار النشر: حديث أكادمي - فيصل آباد، باكستان.
  • أسرار ترتيب القرآن ـ عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي ـ  دار الفضيلة للنشر والتوزيع
  • إعجاز القرآن للباقلاني ـ أبو بكر الباقلاني محمد بن الطيب ـ المحقق: السيد أحمد صقر ـ دار المعارف – مصر ـ الطبعة: الخامسة، 1997م
  • إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ـ مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي ـ دار الكتاب العربي – بيروت ـ ط8 - 1425 هـ - 2005 م
  • الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل ـ الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل ـ  موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى المقدسي، ثم الصالحي، شرف الدين، أبو النجا ـ عبد اللطيف محمد موسى السبكي ـ دار المعرفة بيروت - لبنان
  • الأموال لابن زنجويه ـ أبو أحمد حميد بن مخلد بن قتيبة بن عبد الله الخرساني المعروف بابن زنجويه ـ تحقيق الدكتور: شاكر ذيب فياض ـ مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، السعودية ـ الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986 م
  • الانتصار للقرآن ـ محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي ـ تحقيق: د. محمد عصام القضاة ـ دار الفتح - عَمَّان، دار ابن حزم – بيروت ـ الطبعة: الأولى 1422 هـ - 2001 م
  • البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري ـ زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري ـ وفي آخره: تكملة البحر الرائق لمحمد بن حسين بن علي الطوري الحنفي القادري ـ وبالحاشية: منحة الخالق لابن عابدين ـ دار الكتاب الإسلامي ـ الطبعة: الثانية
  • البرهان في تناسب سور القرآن ـ أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي الغرناطي، أبو جعفر ـ تحقيق: محمد شعباني ـ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ المغرب ـ 1410 هـ - 1990 م
  • تاريخ القرآن الكريم ـ محمد طاهر بن عبد القادر الكردي المكي الشافعي الخطاط ـ ط1 مطبعة الفتح بجدة - 1365 هـ و 1946 م
  • التاريخ الكبير ـ محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله ـ دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد
  • تاريخ المدينة لابن شبه ـ عمر بن شبة (واسمه زيد) بن عبيدة بن ريطة النميري البصري، أبو زيد ـ فهيم محمد شلتوت ـ جدة ـ 1399 هـ
  • تاريخ بن معين رواية الدوري ـ أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام بن عبد الرحمن المري بالولاء، البغدادي ـ المحقق: د. أحمد محمد نور سيف ـ مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي - مكة المكرمة ـ الطبعة: الأولى، 1399 - 1979
  • التحرير والتنوير ـ محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي ـ الدار التونسية للنشر – تونس ـ 1984 هـ
  • تحفة الأحوذي ـ أبو العلا محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفورى ـ دار الكتب العلمية - بيروت
  • تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي ـ عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي ـ أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي ـ دار طيبة
  • التسهيل لعلوم التنزيل ـ أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي ـ المحقق: الدكتور عبد الله الخالدي ـ شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم – بيروت ـ ط1 - 1416 هـ
  • تفسير  القرآن العظيم = تفسير ابن كثيرـ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي ـ سامي بن محمد سلامة ـ دار طيبة للنشر والتوزيع
  • تفسير المنار = فسير القرآن الحكيم  ـ محمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين بن محمد بهاء الدين بن منلا علي خليفة القلموني الحسيني ـالهيئة المصرية العامة للكتاب ـ 1990 م
  • تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن ـ الشيخ العلامة محمد الأمين بن عبد الله الأرمي العلوي الهرري الشافعي ـ دار طوق النجاة، بيروت – لبنان ـ الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001 م
  • تفسير سورة الفاتحة ـ أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الدمشقي الحنبلي ـ سامي بن محمد بن جاد الله ـ دار المحدث للنشر والتوزيع ـ ط1، 1427هـ
  • تقريب التهذيب ـ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني ـ المحقق: محمد عوامة ـ دار الرشيد – سوريا ـ الطبعة: الأولى، 1406 - 1986
  • تهذيب التهذيب ـ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني ـ مطبعة دائرة المعارف النظامية، الهند ـ الطبعة الأولى، 1326هـ
  • تهذيب الكمال في أسماء الرجال ـ يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف، أبو الحجاج، جمال الدين ابن الزكي أبي محمد القضاعي الكلبي المزي ـ المحقق: د. بشار عواد معروف ـ مؤسسة الرسالة – بيروت ـ الطبعة: الأولى، 1400 - 1980
  • توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار ـ محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني ثم الصنعاني، أبو إبراهيم، عز الدين، المعروف كأسلافه بالأمير ـ المحقق: أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة ـ دار الكتب العلمية, بيروت- لبنان ـ الطبعة: الأولى 1417هـ/1997م
  • جامع الأصول في أحاديث الرسول ـ مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير ـ تحقيق : عبد القادر الأرنؤوط - التتمة تحقيق بشير عيون ـ مكتبة الحلواني - مطبعة الملاح - الطبعة : الأولى
  • جامع الترمذي ـ محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى ـ تحقيق وتعليق: أحمد محمد شاكر وآخرون ـ شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر ـ الطبعة: الثانية، 1395 هـ - 1975 م
  • حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي ـ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي المصري الحنفي ـ دار صادر – بيروت
  • الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي وهو شرح مختصر المزني ـ أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي ـ المحقق: الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود ـ دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان ـ الطبعة: الأولى، 1419 هـ -1999 م
  • حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ـ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني ـ السعادة - بجوار محافظة مصر، 1394هـ - 1974م
  • الدر المختار وحاشية ابن عابدين ـ ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي ـ دار الفكر-بيروت ـ الطبعة: الثانية، 1412هـ - 1992م
  • ذخيرة العقبى في شرح المجتبى= شرح سنن النسائي ـ محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي ـ دار المعراج الدولية ـ 1996
  • رسالة أبي داود إلى أهل مكة وغيرهم في وصف سننه ـ أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السّجِسْتاني ـ المحقق: محمد الصباغ ـ دار العربية - بيروت
  • سنن النسائي ـ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي ـ تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة ـ مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب ـ الطبعة: الثانية، 1406 - 1986
  • شرح التلقين ـ أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التَّمِيمي المازري المالكي ـ المحقق: سماحة الشيخ محمَّد المختار السّلامي ـ دار الغرب الإِسلامي ـ الطبعة: الطبعة الأولى، 2008 م
  • شرح السنة ـ محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي ـ تحقيق: شعيب الأرنؤوط-محمد زهير الشاويش ـ المكتب الإسلامي - دمشق، بيروت ـ الطبعة: الثانية، 1403هـ - 1983م
  • شرح العقيدة الطحاوية ـ صدر الدين محمد بن علاء الدين عليّ بن محمد ابن أبي العز الحنفي، الأذرعي الصالحي الدمشقي ـ تحقيق: جماعة من العلماء، تخريج: ناصر الدين الألباني ـ  دار السلام للطباعة والنشر التوزيع والترجمة (عن مطبوعة المكتب الإسلامي) ـ الطبعة المصرية الأولى، 1426هـ - 2005م
  • شرح سنن أبي داود ـ أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى ـ المحقق: أبو المنذر خالد بن إبراهيم المصري ـ مكتبة الرشد – الرياض ـ الطبعة: الأولى، 1420 هـ -1999 م
  • شرح طيبة النشر في القراءات العشر ـ محمد بن محمد بن محمد، أبو القاسم، محب الدين النُّوَيْري ـ الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت ـ تحقيق: الدكتور مجدي محمد سرور سعد باسلوم ـ الطبعة: الأولى، 1424 هـ - 2003 م
  • شرح مشكل الآثارـ أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري، المعروف بالطحاوي ـ تحقيق: شعيب الأرنؤوط ـ مؤسسة الرسالة ـ الطبعة: الأولى - 1415 هـ، 1494 م
  • صحيح البخاري ـ محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي ـ المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر ـ دار طوق النجاة ـ الطبعة: الأولى، 1422هـ
  • صحيح مسلم ـ مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري ـ المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي ـ دار إحياء التراث العربي - بيروت
  • الضعفاء الكبير ـ أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي المكي ـ المحقق: عبد المعطي أمين قلعجي ـ دار المكتبة العلمية – بيروت ـ الطبعة: الأولى، 1404هـ - 1984م
  • الطبعة: الثانية 1420هـ - 1999 م
  • عني بتحقيقه وتصحيحه: أمين محمود محمد خطاب ـ مطبعة الاستقامة، القاهرة – مصر ـ الطبعة: الأولى، 1351 - 1353 هـ
  • عون المعبود شرح سنن أبي داود، ومعه حاشية ابن القيم: تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته ـ محمد أشرف بن أمير بن علي بن حيدر، أبو عبد الرحمن، شرف الحق، الصديقي، العظيم آبادي ـ الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت ـ الطبعة: الثانية، 1415هـ
  • الفتاوى الكبرى لابن تيمية ـ تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي ـ دار الكتب العلمية ـ الطبعة: الأولى، 1408هـ - 1987م
  • فتح الباري شرح صحيح البخاري ـ أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي ـ دار المعرفة - بيروت، 1379ـ رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي.
  • فتح البيان في مقاصد القرآن ـ أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي ـ المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر، صَيدَا – بَيروت ـ 1412 هـ - 1992 م
  • الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ـ أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنا الساعاتي ـ دار إحياء التراث العربي ـ الطبعة: الثانية
  • فتح القدير للشوكاني ـ محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني ـ دار ابن كثير، دار الكلم الطيب - دمشق، بيروت ـ الطبعة: الأولى - 1414 هـ
  • فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي ـ شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي ـ المحقق: علي حسين علي ـ مكتبة السنة – مصر ـ الطبعة: الأولى، 1424هـ / 2003م
  • فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ـ محمد بن صالح العثيمين ـ صبحي بن محمد رمضان، أم إسراء بنت عرفة بيومي ـ المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع ـ الطبعة: الأولى، 1427 هـ - 2006 م
  • الفروع وتصحيح الفروع ـ محمد بن مفلح بن محمد ، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي ـ المحقق: عبد الله بن عبد المحسن التركي ـ مؤسسة الرسالة ـ الطبعة: الأولى 1424 هـ - 2003 مـ
  • فضائل القرآن ـ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي ـ مكتبة ابن تيمية ـ الطبعة الأولى - 1416 هـ
  • الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ـ أحمد بن غانم (أو غنيم) بن سالم ابن مهنا، شهاب الدين النفراوي الأزهري ـ المالكي ـ دار الفكر ـ 1415هـ - 1995م
  • القوانين الفقهية ـ أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
  • كشاف القناع عن متن الإقناع ـ منصور بن يونس بن صلاح الدين ابن حسن بن إدريس البهوتى الحنبلى ـ دار الكتب العلمية
  • الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم ـ محمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي العَلَوي الهَرَري الشافعي ـ دار المنهاج - دار طوق النجاة ـ الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م
  • المبدع في شرح المقنع ـ إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبو إسحاق، برهان الدين ـ دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان ـ الطبعة: الأولى، 1418 هـ - 1997 م
  • المجموع شرح المهذب ـ أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي ـ دار الفكر
  • محاسن التأويل ـ محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي ـ المحقق: محمد باسل عيون السود ـ دار الكتب العلميه – بيروت ـ ط1 - 1418 هـ
  • المحقق: محمد بن عبده ـ الفاروق الحديثة - مصر / القاهرة ـ الطبعة: الأولى، 1423هـ - 2002م
  • مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ علي بن سلطان محمد، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري ـ دار الفكر، بيروت – لبنان ـ ط1  1422هـ - 2002م
  • المستدرك على الصحيحين ـ أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري ـ تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا ـ  دار الكتب العلمية – بيروت ـ الطبعة: الأولى، 1411 - 1990
  • مسند الإمام أحمد بن حنبل ـ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني ـ أحمد محمد شاكر ـ دار الحديث – القاهرة ـ الطبعة: الأولى، 1416 هـ - 1995م
  • مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار ـ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق بن خلاد بن عبيد الله العتكي المعروف بالبزار ـ المحقق: محفوظ الرحمن زين الله، وآخرون ـ مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة ـ الطبعة: الأولى 2009م
  • المصاحف ـ أبو بكر بن أبي داود، عبد الله بن سليمان بن الأشعث الأزدي السجتاني ـ
  • المعجم الأوسط ـ سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني ـ المحقق: طارق بن عوض الله بن محمد , عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني ـ دار الحرمين - القاهرة
  • معرفة السنن والآثار ـ حمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي ـ المحقق: عبد المعطي أمين قلعجي ـ دار الوعي (حلب - دمشق)، دار الوفاء (المنصورة - القاهرة) ـ الطبعة: الأولى، 1412هـ - 1991م
  • معرفة الصحابة ـ بو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني ـ تحقيق: عادل بن يوسف العزازي ـ دار الوطن للنشر، الرياض ـ الطبعة: الأولى 1419 هـ - 1998 م
  • معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار ـ معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار ـ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي ـ دار الكتب العلمية ـ الطبعة: الأولى 1417 هـ- 1997م
  • مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير ـ أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري ـ دار إحياء التراث العربي – بيروت ـ الطبعة: الثالثة - 1420 هـ
  • مناهل العرفان في علوم القرآن ـ محمد عبد العظيم الزُّرْقاني ـ مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ـ الطبعة الثالثة
  • المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود ـ محمود محمد خطاب السبكي
  • الموسوعة الفقهية الكويتية ـ زارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت  ـ1427هـ
  • ميزان الاعتدال في نقد الرجال ـ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي ـ تحقيق: علي محمد البجاوي ـ دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت – لبنان ـ الطبعة: الأولى، 1382 هـ - 1963 م
  • نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر ـ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني ـ حققه: نور الدين عتر ـ مطبعة الصباح، دمشق ـ الطبعة: الثالثة، 1421 هـ - 2000 م
  • نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ـ إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي ـ دار الكتاب الإسلامي، القاهرة
  • نواهد الأبكار وشوارد الأفكار = حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي ـ عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي ـ جامعة أم القرى ـ المملكة العربية السعودية ـ 1424 هـ - 2005 م

 

 

 

فهرس المحتويات

المقدمة .................................................................... ٢

المبحث الأول: ترتيب الآيات في السور.....................................٤

المبحث الثاني: ترتيب السور كما هي عليه الآن في المصحف................١٠

المطلب الأول: ترتيب سور القرآن كان باجتهاد من الصحابة.............. ١١

المقصد الأول: القائلون بأن ترتيب السور كان باجتهاد من الصحابة.......١١

المقصد الثاني: أدلة القائلين بأن ترتيب السور كان باجتهاد من الصحابة....١٣

المقصد الثالث: مناقشة أدلة القائلين بأن ترتيب السور كان باجتهاد من الصحابة.................................................................١٤

 مناقشة الدليل الأول: الاختلاف في ترتيب مصاحف الصحابة الشخصية..١٤

مناقشة الدليل الثاني: قراءة الرسول ﷺ في صلاته سورا على خلاف ترتيب المصحف أحيانا.........................................................١٦

مناقشة الدليل الثالث: أثر يزيد الفارسي في جمع عثمان رضي الله عنه.......١٧

المقصد الرابع: مصداقية وجود هذا الرأي في الواقع......................١٧

المطلب الثاني: اجتهاد الصحابة كان في ترتيب بعض سور القرآن .........٢٢

المقصد الأول: القائلون باجتهاد الصحابة في ترتيب بعض السور..........٢٢

المطلب الثاني: اجتهاد الصحابة كان في ترتيب بعض سور القرآن...........٢٢

المقصد الأول: القائلون باجتهاد الصحابة في ترتيب بعض السور..........٢٢

المقصد الثاني: أدلة القائلين باجتهاد الصحابة في ترتيب بعض السور.......٢٣

أولا: التخريج............................................................٢٤

ثانيا: ترجمة رجال من يحتاج إلى الترجمة من الأسانيد السابقة................٢٩

ثالثا: النظر في الخلاف....................................................٣٢

رابعا: الحكم على الحديث................................................ ٣٤

خامسا: التعليق...........................................................٣٤

مناقشة أثر يزيد الفارسي في جمع عثمان رضي الله عنه.......................٣٦

أولا: عدم معرفة عثمان ـ رضي الله عنه ـ بكون الأنفال والتوبة سورتين أم سورة واحدة، فاجتهد بالدمج والترتيب.........................................٣٦

ثانيا: تصرف عثمان ـ رضي الله عنه ـ بالبسملة كتابة وحذفا..................٤١

المطلب الثالث: ترتيب السور في القرآن توقيفي وترجيح هذا الرأي....... ٤٢

المبحث الثالث: الترجيح................................................  ٤٥

المطلب الأول: ترتيب السور في جمع عثمان مُستمدّ من جمع أبي بكر ........ ٤٦

المطلب الثاني: ترتيب السور من جوانب الإعجاز الإلهي..................٤٩

المطلب الثالث: الترتيب التوقيفي للسور متناسب مع ظاهر القرآن.........٥١

المطلب الرابع: أدلة عقلية توجب ترجيح الترتيب التوقيفي للسور........ ٥٥

نتائج البحث.............................................................٥٧

فهرس المصادر والمراجع.................................................٥٨

الفهرس العام............................................................٦٧

 

 



([1]) الإتقان في علوم القرآن (1/ 211). وانظر: إعجاز القرآن للباقلاني (صـ 60). وأسرار ترتيب القرآن: (صـ 41). ومناهل العرفان في علوم القرآن (1/ 347). وحاشيه الشهاب على تفسير البيضاوي عنايه القاضي وكفاية الراضي: (1/ 25). وفتح البيان في مقاصد القرآن ـ أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي (15/ 307).

([2]) كشاف القناع عن متن الإقناع: (1/ 344). وانظر: المبدع في شرح المقنع (1/ 433). والإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل: (1/ 119).

([3]) البرهان في تناسب سور القرآن ـ حمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي، أبو جعفر: (صـ 182).

([4]) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ الملا علي بن سلطان محمد القاري: (4/ 1520).

([5]) الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ـ أحمد بن غانم (أو غنيم) بن سالم ابن مهنا، شهاب الدين النفراوي الأزهري: 1/56، 66.

([6]) سورة البقرة من الآية رقم  ١٧٨

([7]) سورة البروج الآيتان: ٢١، ٢٢ 

([8]) سورة الواقعة الآيتان ٧٧، ٧٨

([9]) سورة البقرة من الآية: 240.

([10])  أخرجه البخاري كتاب التفسير باب {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير} ٦ / ٢٩ ح رقم 4530 

([11]) سورة البقرة من الآية رقم ٢٣٤.

([12])  أخرجه البخاري كتاب فضائل القرآن باب من لم ير بأسا أن يقول: سورة البقرة، وسورة كذا وكذا ٦ / ١٩٤ ح رقم 5042 ومسلم 33 كتاب صلاة المسافرين ٣٣- باب الأمر بتعهد القرآن، وكراهة قول نسيت آية كذا، وجواز قول أنسيتها ١ / ٥٤٣ ح رقم ٧٨٨.

([13])  أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة 17 - باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها ١ / ٣٩٦ ح رقم 567.

([14]) راجع: الإتقان في علوم القرآن (1/93). وتفسير القاسمي = محاسن التأويل: (9/ 506). والتحرير والتنوير (1/ 92).

([15])  صحيح البخاري كتاب المغازي باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع ٥ / ١٦٧ ح رقم ٤٣٦٤

([16])  صحيح مسلم في صدر كتاب التفسير 4/ 2318 ح رقم ٣٠٢٤

([17])  أخرجه مسلم ٦-كتاب المسافرين وقصرها 46 - باب فضل قراءة المعوذتين ١ / ٥٥٨ ح رقم ٨١٤

([18]) أخرجه مسلم في ٤- كتاب الصلاة 14 - باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة ١ / ٣٠٠ ح رقم ٤٠٠

([19])  أخرجه مسلم ٦ - كتاب صلاة المسافرين 27 - باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل  ١ / ٥٣٦ ح رقم ٧٧٢

([20]) أخرجه مالك في الموطأ كتاب الصلاة باب القراءة في الصبح ١ / ٨٢ ح رقم ٣٦ وإسناده صحيح

([21])  استطرد السيوطي في ذكر السور التي كان يقرؤها الرسول ^ في كتابه: الإتقان في علوم القرآن (1/93، 213).

([22]) سورة النساء الآية رقم ٤١

([23])  أخرجه البخاري كتاب فضائل القرآن باب قول المقرئ للقارئ حسبك   ٦ / ١٩٦ ح رقم ٥٠٥٠ ومسلم ٦-كتاب المسافرين 40 - باب فضل استماع القرآن، وطلب القراءة من حافظه للاستماع والبكاء عند القراءة والتدبر ١ / ٥٥١ ح رقم ٨٠٠ واللفظ للبخاري

([24])  أخرجه البخاري كتاب المغازي باب غزوة خيبر ٥ / ١٣٨ ح رقم ٤٢٣٢، ومسلم ٤٤- كتاب فضائل الصحابة 39 - باب من فضائل الأشعريين رضي الله عنهم ٤ / ١٩٤٤ ح رقم ٢٤٩٩

([25]) أُسَاورُهُ: أي: أُواثِبُهُ وأغالبه، ويقال للمعربد: سَوَّار.

([26]) فَلَبَّبْتُه: يقال: أخذت بتلبيبه: إذا جمعت عليه ثوبه الذي هو لابسه، وقبضت عليه تَجرُّه.

([27]) أخرجه البخاري كتاب فضائل القرآن باب أنزل القرآن على سبعة أحرف ٦ / ١٨٤ ح رقم ٤٩٩٢ ومسلم ٦-كتاب صلاة المسافرين 48 - باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه: ١ / ٥٦١ ح رقم ٨١٨ .

([28])  أخرجه ابن حبان كما في الإحسان كتاب الرقاق باب قراءة القرآن ذكر نزول الملائكة عند قراءة سورة البقرة ٣ / ٥٨ ح رقم ٧٧٩

([29])  ستتضح هذه النقطة بالتفصيل في مناقشة ترتيب السور.

([30])  راجع: فتح الباري ـ ابن حجر: 9/43،44.

([31]) تفسير سورة الفاتحة لابن رجب (ص: 22).

([32]) شرح طيبة النشر للنويري (1/ 111). وانظر: تفسير ابن كثير ت سلامة (1/ 48). وفتح البيان في مقاصد القرآن (15/ 307).

([33]) الانتصار للقرآن للباقلاني (1/ 60ـ 281).

([34]) دُرس هذا الأثر في المطلب الثاني بالتفصيل رواية ودراية.

([35]) تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل (1/ 13).

([36]) الإتقان في علوم القرآن (1/ 216). وانظر: فتح الباري لابن حجر (9/ 42). وشرح الطحاوية - ط دار السلام (ص: 314). ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: 4/1522.

([37]) الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (1/ 119). وانظر: المبدع في شرح المقنع (1/ 433). وكشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 344). والتحرير والتنوير (1/ 88).

([38])  أخرجه أبو داود كتاب السنة باب في لزوم السنة ٤ / ٢٠٠ ح رقم 4607 والترمذي كتاب العلم باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع ٥ / ٤٤ ح رقم 2676 وقال: هذا حديث حسن صحيح

([39])  سبق تخريجه قبل قليل.

([40])  سيأتي تخريجه بالتفصيل في المطلب الثاني القادم.

([41]) أخرجه البخاري كتاب فضائل القرآن باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي ﷺ ٦ / ١٨٦ ح رقم ٤٩٩٨

([42])  البرهان في علوم القرآن ـ الزركشي: (1/ 262).

([43])  مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ علي بن سلطان محمد، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري: (4/ 1522).

([44])  الإتقان في علوم القرآن (1/ 220). وانظر: البرهان في علو القرآن ـ الزركشي: 1/257. وذخيرة العقبى في شرح المجتبى : 12/637.

([45])  البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (2/ 102)، ومن أطلق من الأحناف لفظ الوجوب على قراءة السور بالترتيب في الصلاة فلا يقصدون الواجب الذي هو من أصول الصلاة، لذلك لا يحتاج لسجود السهو. الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (2/ 80)

([46])  شرح التلقين ـ أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التَّمِيمي المازري المالكي: (1/ 540). وانظر: القوانين الفقهية (ص: 40).

([47]) المجموع شرح المهذب (3/ 385). وانظر: الحاوي الكبير (2/ 435).

([48]) الفروع وتصحيح الفروع ـ محمد بن مفلح بن محمد ، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي: (2/ 182). وانظر: المبدع في شرح المقنع (1/ 433).

([49]) فتح البيان في مقاصد القرآن (15/ 307).

([50]) البرهان في علوم القرآن (1/ 257). وانظر: مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: 7/307.

([51]) الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ـ أحمد بن غانم (أو غنيم) بن سالم ابن مهنا، شهاب الدين النفراوي الأزهري المالكي: (1/56).

([52])  فتح الباري لابن حجر (9/ 42).

([53])  الإتقان في علوم القرآن (1/ 219).

([54])  نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (7/ 427)، و(22/ 158).

([55])  الانتصار للقرآن للباقلاني (1/ 282).

([56])  أخرجه البخاري كتاب فضائل القرآن باب تأليف القرآن ٦ / ١٨٥ ح رقم ٤٩٩٤

([57])  أخرجه البخاري كتاب فضائل القرآن باب فضل المعوذات ٦ / ١٩٠ ح رقم ٥٠١٧

([58]) أخرجه أحمد في المسند 28/ 188وقال الهيثمي في المجمع ٧ / ٤٦: رواه أحمد، وفيه عمران القطان، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات.

([59]) البرهان في علوم القرآن (1/ ٢٥٨).

([60]) البرهان في علوم القرآن (1/ 257).

([61]) الإتقان في علوم القرآن (1/ 219). وانظر: مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 334)..

([62]) فتح الباري لابن حجر (9/ 42). وانظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي: (1/ 257).

([63]) تفسير ابن كثير: (1/ 48). وانظر: تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل (1/ 13) وفتح القدير للشوكاني (2/ 379).

([64]) فتح القدير للشوكاني (2/ 379).

([65]) أبو داود كتاب الصلاة باب من جهر بها ١ / ٢٠٨ ح رقم ٧٨٦

([66]) أحمد في المسند ١ / ٤٥٩، ٤٦٠ ح رقم 399

([67]) تاريخ المدينة لابن شبه ٣ / ١٠١٥

([68]) الترمذي كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة التوبة ٥ / ٢٧٣ ح رقم ٣٠٨٦

([69]) المصاحف لابن أبي داود صـ ١١٤

([70]) الأحاديث المختارة ١ / ٤٩٤ ح رقم ٣٦٥

([71])أحمد في المسند ١ / ٤٥٩، ٤٦٠ ح رقم 399

([72]) تاريخ المدينة لابن شبه ٣ / ١٠١٥

([73]) الترمذي كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة التوبة ٥ / ٢٧٣ ح رقم ٣٠٨٦

([74]) النسائي في الكبرى كتاب فضائل القرآن باب السورة التي يذكر فيها كذا ٧ / ٢٥٣ ح رقم ٧٩٥٣

([75]) البزار في البحر الزخار ٢ / ٨ ح رقم 344

([76]) المصاحف لابن أبي داود صـ ١١٤

([77]) الترمذي كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة التوبة ٥ / ٢٧٣ ح رقم ٣٠٨٦

([78]) المصاحف لابن أبي داود صـ ١١٤

([79]) الأحاديث المختارة ١ / ٤٩٤ ح رقم ٣٦٥

([80]) أحمد في المسند ١ / ٢٥٩ ح رقم 499

([81]) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان كتاب الوحي باب ذكر ما كان يأمر النبي ﷺ يكتبه القرآن عند نزول الآية بعد الآية ١/ ٢٣١ ح رقم ٤٣

([82]) الحاكم كتاب التفسير باب تفسير سورة التوبة ٢ / ٣٣٠

([83]) الحاكم كتاب التفسير باب وجه اقتران سورة الأنفال بالبراءة ٢ / ٢٢٢

([84]) معرفة الصحابة لأبي نعيم ١ / ٧٢ ح رقم ٢٨٢

([85]) معرفة السنن والآثار كتاب الصلاة باب بسم الله الرحمن الرحيم، آية من الفاتحة ٢ / ٣٦٤ ح رقم ٣٠٥٩

([86]) البيهقي في الكبرى جماع أبواب صفة الصلاة باب الدليل على أن ما جمعته مصاحف الصحابة رضي الله عنهم كله قرآن، وبسم الله الرحمن الرحيم في فواتح السور سوى سورة براءة من جملته ٢ / ٦٣ ح رقم ٢٣٧٦

([87]) المصاحف لابن أبي داود صـ ١١٤

([88]) الأحاديث المختارة ١ / ٤٩٤ ح رقم ٣٦٥

([89]) الأحاديث المختارة ١ / ٤٩٤ ح رقم ٣٦٦

([90]) أبو داود كتاب الصلاة باب من جهر بها ١ / ٢٠٨ ح رقم ٧٨٧

([91]) المعجم الأوسط ٧ / ٣٢٨ ح رقم ٧٦٣٨

([92]) الأموال لابن زنجويه صـ ١١٣ ح رقم ٩٤

([93]) المصاحف لابن أبي داود صـ ١١٤

([94]) شرح مشكل الآثار ١ / ١٢٠ ح رقم ١٣١، ١٣٧٤

([95]) تهذيب الكمال ٢٢ / ٤٤٠ ت رقم ٤٥٤٥

([96]) الجرح والتعديل ٧ / ١٥ ت رقم ٧١

([97]) تاريخ بن معين رواية عباس الدوري ٤ / ١٤٠ ت رقم ٣٥٨٤

([98]) التهذيب ٨ / ١٦٦ ت رقم ٣٠٢

([99]) الضعفاء الكبير ٣ / ٤٢٩ ت رقم ١٤٧١

([100]) ميزان الاعتدال ٣ / ٣٠٥ ت رقم ٦٥٣٠

([101]) التقريب صـ ٤٣٣ ت رقم ٥٢١٥

([102]) أحوال الرجال صـ ١١

([103]) فتح المغيث للسخاوي ٢ / ٦٤

([104]) تدريب الراوي ١ / ٣٨٥ نزهة النظر شرح نخبة الفكر صـ ١٠٤

([105]) تهذيب الكمال ٣٢ / ٢٨٧ ت رقم ٧٠٦٧، تهذيب التهذيب ١١ / ٣٧٤ ت رقم ٧٢١

([106]) التاريخ الكبير ٨ / ٣٦٧ ت رقم ٣٣٥٣، والجرح والتعديل ٩ / ٢٩٣ ت رقم ١٢٥٥

([107]) الجرح والتعديل ٩ / ٢٩٣ ت رقم ١٢٥٥

([108]) تقريب التهذيب صـ ٦٠٦ ت رقم ٧٧٩٦

([109]) الترمذي كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة التوبة ٥ / ٢٧٣ ح رقم ٣٠٨٦

([110]) البزار في البحر الزخار ٢ / ٨ ح رقم 344

([111]) رسالة أبي داود إلى أهل مكة وغيرهم في وصف سننه صـ 29

([112]) انظر معرفة علوم الحديث صـ 119وتوضيح الأفكار 1 / 377    تدريب الراوي ١ / ٢٦٨        

([113]) الجرح والتعديل ٩ / ٢٩٣ ت رقم ١٢٥٥

([114]) معرفة علوم الحديث صـ 62

([115]) تهذيب الكمال ٣٢ / ٢٨٧ ت رقم ٧٠٦٧، والحديث عند الترمذي في الشمائل باب ما جاء في رؤية النبي ﷺ صـ ٣٥١ ح رقم ٤١٢، وقد استقرأت ذلك في موضعه من تحفة الأشراف.

([116]) نزهة النظر شرح نخبة الفكر صـ ٩٠

([117]) الكفاية صـ 432

([118]) تفسير القرآن العظيم 4 / ٨٩

([119]) فضائل القرآن صـ ٧٢، ٧٣

([120]) تفسير المنار ٩ / ٤٨٧

([121]) مسند الإمام أحمد بن حنبل تحقيق الأستاذ أحمد شاكر ١ / ٣٣٣، ٣٣٤ عند تخريجه للحديث رقم ٣٩٩

([122]) معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار ـ الذهبي: (ص: 9).

([123]) تحفة الأحوذي ـ أبو العلا محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفورى: (8/ 380). وانظر: عون المعبود وحاشية ابن القيم (2/ 351).

([124]) راجع هذا التاريخ في: فتح الباري لابن حجر (9/ 17). وتاريخ القرآن الكريم (ص: 40). وإعجاز القرآن والبلاغة النبوية للرافعي (ص: 30)

([125]) سبق ذكر الحديث وتخريجه.

([126]) الإتقان في علوم القرآن (1/ 186). وانظر: تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (1/ 98). وفتح البيان في مقاصد القرآن ـ محمد صديق خان: 1/31. ومنار الهدى في بيان الوقف والابتدا: 57. والفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/ 66). ومعترك الأقران في إعجاز القرآن (2/ 276).

([127]) جامع الأصول (2/ 152) (خ م د س).

([128]) شرح مشكل الآثار (3/ 403).

([129]) البخاري كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن ٦ / ١٨٣ ح رقم ٤٩٨٦

([130]) شرح السنة للبغوي (4/ 525).

([131]) إبراز المعاني من حرز الأماني (ص: 739). وانظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (8/ 83).

([132]) انظر: شرح مشكل الآثار (3/ 409). وانظر: فتح القدير للشوكاني: (2/ 379).

([133]) نواهد الأبكار وشوارد الأفكار = حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي (1/ 71).

([134]) فتح البيان في مقاصد القرآن (1/ 38).

([135]) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1521).

([136]) شرح طيبة النشر للنويري (1/ 109).

([137]) أخرجه البخاري وسبق بيان مكانه في الصحيح.

([138]) البرهان في علوم القرآن (1/ 37). وانظر: الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: 1/56. والكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم: 10/76.

([139]) شرح طيبة النشر  (1/ 109).

([140]) سورة البقرة : 185.

([141]) شرح السنة للبغوي: (4/ 521). وانظر: المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود: 5/206. والآية الكريمة من سورة القدر رقم١

([142]) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ علي بن (سلطان) محمد، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري: (4/ 1522).

([143]) الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد: أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنا الساعاتي: 18/174. وانظر: فتح البيان في مقاصد القرآن ـ محمد صديق خان: 1/31و 15، 307. وحاشية الشهاب على تفسير البيضاوي: 1/25. وتفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن: المقدمة:96. والتفسير من سنن سعيد بن منصور: 1/239. ومرعاة المصابيح شرح مشكاة المصابيح: 7/334.

([144]) مجمع البحوث (10/ 2043).

([145]) التفسير الوسيط لطنطاوي (6/ 9).

([146]) التفسير المنير للزحيلي (1/ 23). وانظر: الموسوعة الفقهية الكويتية: 14/181.

([147]) تفسير ابن باديس (في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير): (ص: 369).

([148]) هو من بني صعصعة يكنى أبو أمية معدود في الصحابة ت انظر ترجمته في الإصابة ١ / ٢٧٨ ت رقم٢٧٨ وانظر أيضاً تهذيب الكمال ٣ م ٣٧٨ ت رقم ٥٦٩

([149]) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله ^ من قوله: نزل القرآن على سبعة أحرف 8/ 132 وإسناده صحيح فكل رواته ثقات، وقد أخرجه ابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام بإسناده إلى إسناد الطحاوي السابق ٤ / ١٧١

([150]) المصاحف لابن أبي داود (ص: 98). وانظر: المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز (1/ 60). ومصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور (1/ 438).

([151]) شرح طيبة النشر للنويري (1/ 109).

([152]) البرهان في علوم القرآن (1/ 239). وانظر: تاريخ المدينة لابن شبة: 3/1002.

([153]) البخاري كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن   ٦ / ١٨٣ ح رقم ٤٩٨٧

([154]) راجع: الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (18/ 174). والمنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (5/ 206). والكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (10/ 76). والفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/ 66). والفتاوى الكبرى لابن تيمية (4/ 418). وتفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (7/ 106). والبرهان في علوم القرآن (1/ 37). والمنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (5/ 206). وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء (2/ 51). وشرح مشكل الآثار (8/ 128).

([155]) شرح مشكل الآثار (8/ 128). وانظر: الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (1/ 114). وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء: 2/51.

([156]) هو الإمام، الحافظ، العلامة، شيخ الإسلام، أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون النيسابوري، مولى أمير المؤمنين عثمان بن عفان، الأموي، الحافظ، الشافعي، صاحب التصانيف. إمام الشافعيين في عصره بالعراق، قال البرقاني: سمعت الدارقطني يقول: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي بكر النيسابوري. مات: في شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء ط الرسالة (15/ 65). وانظر: طبقات القراء:1/449.

([157]) البرهان في علوم القرآن ـ الزركشي: 1/36.

([158]) تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (7/ 106).

([159]) انظر: البرهان في علوم القرآن: 1/36. و1/260.

([160]) مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ أبو الحسن عبيد الله بن محمد عبد السلام بن خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين الرحماني المباركفوري: (7/ 336).

([161]) تفسير المنار (9/ 487).

([162]) سورة البقرة: 2.

([163]) سورة النساء: 82.

([164]) سورة الكهف: 1.

([165]) سورة الحجر: 19.

([166]) سورة المرسلات: 23.

([167]) سورة النمل: 88.

([168]) سورة البروج: 21، 22.

([169]) سورة الواقعة: 77 - 79.

([170]) سورة الحجر: 9.

([171]) سورة المائدة: 44.

([172]) سورة القيامة: 17 - 19.

([173]) الانتصار للقرآن للباقلاني (1/ 131).

([174])  أخرجه مسلم في ٢- كتاب الطهارة ١٧-باب الاستطابة ١ / ٢٢٣ ح رقم 262

([175]) أخرجه مسلم ٥٣-كتاب الزهر والرقائق ١٧-باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام ٤ / ٢٢٩٨ ح رقم ٣٠٠٤  

 

أضف تعليق

نص اتفاقية التعليق


كود امني
تحديث



المرئيات

الصوتيات

ألبوم الصور

تداعت عليكم الأمم